وكان الحاجب قد أشار إلى أسدين مصورين على مسند المأمون الذي كان يستند إليه، وكانا متقابلين على المسند، فغضب الرضا (عليه السلام) وصاح بالصورتين:
دونكما الفاجر، فافترساه في المجلس، ولا تبقيا له عينا ولا أثرا.
فوثبت الصورتان والقوم ينظرون متحيرين، فلما فرغا منه أقبلا على الرضا (عليه السلام) وقالا: يا ولي الله في أرضه، ماذا تأمرنا أنفعل به ما فعلنا بهذا؟ يشيران إلى المأمون، فغشي على المأمون منهما، فقال الرضا (عليه السلام): قفا. فوقفا، ثم قال: صبوا عليه ماء ورد وطيبوه. ففعل ذلك به، وعاد الأسدان يقولان: أتأذن لنا أن نلحقه بصاحبه الذي افترسناه؟ قال: لا، فإن لله عز وجل فيه تدبيرا ممضيه. فقالا: فماذا تأمرنا؟ فقال: عودا إلى مقركما كما كنتما. فعادا إلى المسند، فصارا صورتين كما كانتا، فقال المأمون: الحمد لله الذي كفاني شرهما وشر حميد بن مهران - يعني الرجل المفترس -.
فقال للرضا (عليه السلام): هذا الأمر لجدكم (صلى الله عليه وآله) ثم لكم، ولو شئت لنزلت عنه لك (1).
2 - عن علي بن أسباط، قال: ذهبت إلى الرضا (عليه السلام) في يوم عرفة، فقال لي:
أسرج لي حماري، فأسرجت له حماره، ثم خرج من المدينة إلى البقيع يزور فاطمة (عليها السلام)، فزار وزرت معه، فقلت: سيدي على كم أسلم؟ فقال لي: سلم على فاطمة الزهراء البتول، وعلى الحسن والحسين، وعلى علي بن الحسين، وعلى محمد