وروى عثمان بن أبي شيبة عن عبد الله بن موسى عن فطر بن خليفة عن أبي عبد الله الجدلي قال: دخلت على أم سلمة رحمها الله، فقالت لي: أيسب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فيكم وأنتم أحياء؟ قلت: وأنى يكون هذا؟ قالت: أليس يسب علي (عليه السلام) ومن يحبه؟
وروى العباس بن بكار الضبي قال: حدثني أبو بكر الهذلي عن الزهري قال:
قال ابن عباس لمعاوية: ألا تكف عن شتم هذا الرجل؟ قال: ما كنت لأفعل حتى يربو عليه الصغير ويهرم فيه الكبير، فلما ولي عمر بن عبد العزيز كف عن شتمه، فقال الناس: ترك السنة.
قال: وقد روي عن ابن مسعود - إما موقوفا عليه أو مرفوعا -: كيف أنتم إذا شملتكم فتنة يربو عليها الصغير، ويهرم فيها الكبير، يجرى عليها الناس فيتخذونها سنة، فإذا غير منها شيء قيل: غيرت السنة؟
قال أبو جعفر: وقد تعلمون أن بعض الملوك ربما أحدثوا قولا أو دينا لهوى، فيحملون الناس على ذلك حتى لا يعرفوا غيره، كنحو ما أخذ الناس الحجاج بن يوسف بقراءة عثمان، وترك قراءة ابن مسعود وأبي بن كعب، وتوعد على ذلك بدون ما صنع هو وجبابرة بني أمية، وطغاة مروان بولد علي (عليه السلام) وشيعته، وإنما كان سلطانه نحو عشرين سنة، فما مات الحجاج حتى اجتمع أهل العراق على قراءة عثمان، ونشأ أبناؤهم ولا يعرفون غيرها؛ لإمساك الآباء عنها، وكف المعلمين عن تعليمها حتى لو قرئت عليهم قراءة عبد الله وأبي ما عرفوها، ولظنوا بتأليفها الاستكراه والاستهجان؛ لإلف العادة وطول الجهالة؛ لأنه إذا استولت على الرعية الغلبة، وطالت عليهم أيام التسلط، وشاعت فيهم المخافة، وشملتهم التقية، اتفقوا على التخاذل والتساكت، فلا تزال الأيام تأخذ من بصائرهم، وتنقص من