فلما ولي الخلافة لم يكن عنده من الرغبة في الدنيا ما يرتكب هذا الأمر العظيم لأجلها، فترك ذلك وكتب بتركه، وقرأ عوضه: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتائ ذي القربى) الآية (1)، فحل هذا الفعل عند الناس محلا حسنا، وأكثروا مدحه بسببه (2).
6372 - شرح نهج البلاغة عن عمر بن عبد العزيز: كنت غلاما أقرأ القرآن على بعض ولد عتبة بن مسعود، فمر بي يوما وأنا ألعب مع الصبيان، ونحن نلعن عليا، فكره ذلك ودخل المسجد، فتركت الصبيان وجئت إليه لأدرس عليه وردي، فلما رآني قام فصلى وأطال في الصلاة - شبه المعرض عني - حتى أحسست منه بذلك، فلما انفتل من صلاته كلح (3) في وجهي، فقلت له: ما بال الشيخ؟ فقال لي:
يا بني، أنت اللاعن عليا منذ اليوم؟ قلت: نعم. قال: فمتى علمت أن الله سخط على أهل بدر بعد أن رضي عنهم؟ فقلت: يا أبت، وهل كان علي من أهل بدر؟
فقال: ويحك! وهل كانت بدر كلها إلا له!! فقلت: لا أعود، فقال: الله أنك لا تعود، قلت: نعم. فلم ألعنه بعدها.
ثم كنت أحضر تحت منبر المدينة، وأبي يخطب يوم الجمعة - وهو حينئذ أمير المدينة - فكنت أسمع أبي يمر في خطبه تهدر شقاشقه (4)، حتى يأتي إلى