فقال القوم: فلم تقاتله وأنت تعلم أنه سيبلغ هذا؟
قال: للحجة (1).
5879 - مروج الذهب: قد كان معاوية دس أناسا من أصحابه إلى الكوفة يشيعون موته، وأكثر الناس القول في ذلك حتى بلغ عليا، فقال في مجلسه:
قد أكثرتم من نعي معاوية، والله ما مات ولا يموت حتى يملك ما تحت قدمي، وإنما أراد ابن آكلة الأكباد أن يعلم ذلك مني، فبعث من يشيع ذلك فيكم ليعلم ويتيقن ما عندي فيه، وما يكون من أمره في المستقبل من الزمان.
ومر في كلام كثير يذكر فيه أيام معاوية ومن تلاه من يزيد ومروان وبنيه، وذكر الحجاج وما يسومهم من العذاب، فارتفع الضجيج، وكثر البكاء والشهيق، فقام قائم من الناس فقال: يا أمير المؤمنين، ولقد وصفت أمورا عظيمة، آلله إن ذلك كائن؟
قال علي: والله إن ذلك لكائن، ما كذبت ولا كذبت.
فقال آخرون: متى يكون ذلك يا أمير المؤمنين؟
قال: إذا خضبت هذه من هذه، ووضع إحدى يديه على لحيته والأخرى على رأسه، فأكثر الناس من البكاء.
فقال: لا تبكوا في وقتكم هذا فستبكون بعدي طويلا.