ونحن نستبعد جدا أن يأمر سلاطيس بحفر هذا الخليج من أجل خادمة ونجزم بأنها خرافة.
ولما وفد (هيرودوت) على مصر وساح في أرضها قبل المسيح بأربعة قرون ونصف قرن قال فيما كتبه عليها إن (نيخوس بن ابسامتكوس) هو أول من شرع اتصل النيل بالبحر الأحمر، ولم يتمه، ولما دخلت مصر في حكم الفرس في زمن (دارا) شرع فيه مرة ثانية فأتمه، وجعل طوله أربعة أيام ملاحية وعرضه بحيث تمر فيه سفينتان بالمجاذيف، وكان يملأ بماء النيل، ومبدؤه فوق مدينة بوبسط (1) بقليل بقرب مدينة باطموس (2). ثم يتبع سير الأودية بعد أن يبعد عن الجبل في جهة الجنوب ويصب في البحر.
وفي تاريخ القرون الوسطى لمؤلفه (لبون) أن عمر بن الخطاب لم يأذن بفتح خليج البرزخ بين الفرما والبحر الأحمر، واكتفى عمرو بن العاص بإصلاح خليج (تراچان) الذي كان (أدريان) مده إلى النيل بقرب بابليون، ويمر ببلبيس، وأوصله بخليج (نيخوس) القديم، الذي كمله (دارا) ملك الفرس، واجتمع من الخليجين خليج واحد، كان ينتهي إلى مستنقع المالح. وفي زمن (بطليموس لاغوس) (3) عملت ترعة من نهايته لتوصيل المياه الحلوة إلى مدينة أرسنوية (4) لنهاية البحر الأحمر الذي في الآن مدينة السويس، وكان مبدأ هذا الخليج مدينة بابليون، ويمر بعين شمس، وواد الطميلات إلى القنطرة، ثم يتصل بالبحر الأحمر عند القلزم.