وذكر ابن قتيبة أن العرب تقول لكل مدينة فسطاط، وقيل: لما عاد عمرو من الإسكندرية قال: أين تنزلون؟ فقالوا: الفسطاط - يعنون فسطاط عمرو الذي خلفه، وكان مضروبا في موضع داره الصغرى التي بحذاء داره البري وجامعه، فاختط عمرو داره في موضع الفسطاط، والدار التي إلى جانبها، فلما نزل موضع فسطاط انضمت القبائل بعضها إلى بعض، وتنافسوا في الموضع فولى عمرو على الخطط أربعة من المسلمين، فكانوا هم الذين أنزلوا الناس وفصلوا بين القبائل (1).
ولا يتعد أن يكونوا قد اختاروا النزول في الموضع الذي نزلوا فيه أولا، لصلاحه وقربة من النيل.
وقال ابن قتيبة في كتاب (غريب الحديث) إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عليكم بالجماعة فإن يد الله على الفسطاط (بضم أوله وكسره وإسكان ثانيه): أي المدينة. وقال بطلر: إن مدينة الفسطاط مأخوذة من لفظ (فساتم، ومعناه (مدينة حصينة) أخذه العرب عن الروم أثناء حربهم في الشام، وربما كان هذا هو أرجح الأقوال.
2 - الفسطاط ودار الإمارة:
اختطت مدينة الفسطاط بعد الفتح الإسلامي بناء على رغبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حتى لا يحول بينه وبين المسلمين ماء، فصارت قاعدة للديار المصرية، ومقرا للإمارة حتى بنيت مدينة العسكر (جهة زين العابدين والمذبح والسيدة زينب والكبش) سنة 133 للهجرة، فنزل فيها أمراء مصر وسكنوها.
ومما قاله ابن خلدون في مقدمته (169): ويشترط في اختيار موضع المدينة أن تقع إما على هضبة متوعرة من الجبل، وإما باستدارة