الرحمن يريد الإسكندرية في سفينة فاحتاج إلى رجل يجدف فتسخر رجلا من القبط فكلم في ذلك فقال: إنما هم بمنزلة العبيد إن احتجنا إليهم.
وقد ذكر المقريزي أن عمرو بن العاص قال: لقد قعدت مقعدي هذا، وما لأحد من قبط مصر على عهد ولا عقد. وعن يحيى بن بكير أن مصر كان فتح بعضها بعهد وذمة وبعضها عنوة فجعلها عمر بن الخطاب جميعا ذمة.
ولكن إذا عرفنا أن مصر فتحت بالسيف واستولى عليها العرب بعد أن طردوا الروم منها، وهم المسلطون عليها، فلا نحجم عن القول بأنها فتحت عنوة، وإن المؤرخين الذين ساروا على هذا الرأي قد نظروا إلى الفتح من الوجهة العسكرية وهو صحيح، بدليل قول عمرو بن العاص (لقد قعدت مقعدي هذا وما لأحد من قبط مصر على عهد ولا عقد) والظاهر أن الذين يميلون إلى القول بأن مصر فتحت عنوة يستدلون بما كان من الحرب بالفرما وبلبيس وأم دنين والإسكندرية، وكون هذه البلاد لم تفتح إلا بعد جهاد ونضال.
ولكن لا نغفل نص الصلح الذي كان بين عمرو والمقوقس، وهو متداول معروف. رواه أكثر المؤرخين المعدودين كالطبري وابن عبد الحكم والبلاذري والمقريزي والمسعودي، ومنه يعلم أن عمرا أبى أن يقسم الغنائم قبل أن يكتب لعمر بن الخطاب، فكتب إليه عمر يأمره بإجابة المصريين إلى دفع الجزية والخراج.
هذا يدل على سياسة رشيدة من جانب كل من عمر وعمرو، الذي لا بد أن يكون قد اقترح على أمير المؤمنين أن يعامل المصريون معاملة من فتحت بلادهم صلحا لكي يتآلف بذلك قلوبهم. وهذا يحدث