أهل الإسكندرية كتبوا إلى (قسطنطين) إمبراطور الروم يهونون عليه فتح الإسكندرية لقلة ما بها من حامية المسلمين. فتدبر قسطنطين الأمر، ولم يكن جرح الروم قد اندمل من ضياع مصر مصدر ثروة الإمبراطورية، فأمر بأن تعد على جناح السرعة وفي طي الكتمان عمارة بحرية لغزو الإسكندرية. وكان الروم في ذلك الحين لا يزالون سادة البحار، فلم تجرؤ أمة من الأمم على مناوأتهم أو منافستهم في هذا المضمار.
انتصار عمرو على الروم قدم (منويل) الخصي إلى الإسكندرية على رأس جيش رومي كبير، واستولى عليها، فزحف عمرو في طريق الإسكندرية سالكا الطريق التي كان قد سلكها من قبل، وضم تحت لوائه كثيرين من القبط.
وزحف (مويل) ومعه من نقض من أهل الإسكندرية وغيرها من قرى الدلتا، وأخذوا يعيثون في الأرض فسادا، ينزلون القرى فيشربون خمرها، ويأكلون أطعمتها وينهبون كل ما مروا به من دواب ومتاع ونحو ذلك، فلم يتعرض لهم أهالي تلك القرى لضعفهم، حتى وصلوا إلى (نقيوس) حيث اشتبكوا مع المسلمين (1). في القتال في البر والبحر (2) وكثر الترامي بالنشاب حتى أصابت فرس عمرو، فنزل عنه، ثم شد المسلمون على الروم، وقاتلوهم قتال المستميت، وما زالوا بهم