حيث اعتقد أيضا إن هذه المكتبة قد دمرت في حريق يوليوس المذكور، والأستاذ إسماعيل رأفت بك حيث قال: وقلنا أيضا، إنه في هذا الوقت (أي وقت فتح الإسكندرية) لم تكن دار كتب الإسكندرية موجودة وإن قسما كبيرا من قسميها أحرقته جنود (يوليوس قيصر) من غير قصد سنة 47 ق. م (كما تقدم أيضا) وإن قسمها الثاني تلاشى كذلك بعد الزمن المذكور بنحو أربعة قرون أي في سنة 391 ب. م بأمر الأسقف (تيوفيل) ولا ندهش لهذا الأمر لأسباب أخصها أن الآداب والفلسفة الوثنية كلها كانت منعت وقضى عليها قضاء تاما طول تلك المدة في كل مكان. حتى أن (چوتنيانوس) أمر بإغلاق مدارس أثينا. أه وأضاف (بطلر) ومن سوء الحظ أن مثل جواب عمر قد ورد أيضا بخصوص إحراق الكتب في فارس. وقد علق الأستاذ (بري) بقوله: إن شعور المسلمين نحو كتب الوثنين الفرس قد يختلف اختلافا تاما عن شعورهم نحو كتب النصارى. إذا كانوا يكرهون أن يتعرضوا لما فيه اسم الله أه.
وإذا سلمنا جدلا بأن إحراق مكتبة الإسكندرية قد حصل فعلا - كما رواه أبو الفرج - الذي ذكر أن الكتب قد وضعت في سلات وزعت على الأربعة آلاف حمام، وأنها ظلت تسخن مياهها ستة شهور فإن هذا الخبر - على ما يظهر لنا - عبارة عن أكاذيب وأضاليل لا حقيقة لها أصلا. إذ لو قصد تدمير هذه الكتب حقيقة لأمر بإحراقها في الحال ولم يكن عمرو بالرجل الساذج الذي يضع هذه الكتب تحت رحمة أصحاب الحمامات، فلا يصعب بذلك على (يوحنا) أو أي إنسان سواه أن يستولي على قدر عظيم من هذه الكتب بثمن بخس، ولدى يوحنا وغيره من عشاق الكتب ما يكفي لتحقيق هذه الأمنية، وهي انتشال عدد كبير منها من مخالب النيران. على أن ما جاء برواية أبي الفرج من أن هذه الكتب كفت الحمامات سبعة شهور، مما يثير الدهشة والاستغراب في نفوسنا، لأنه لو قدر لكل حمام مائة مجلد في اليوم (وهو قليل