قبل العرب في الإسكندرية بنحو قرن ونصف القرن، ولا أدل على هذا من قوله: إنه وجد رفوف هذه المكتبة خاليه من الكتب - وما ذلك إلا لأن المسيحين كانوا أتلفوها في نهاية القرن الرابع الميلادي.
6 - إن التعاليم الإسلامية تخالف رواية أبي الفرج (وعبد اللطيف) إذا ترمي إلى عدم التعرض للكتب الدينية اليهودية والنصرانية، وأنه لا يجوز إحراقها. أما غيرها من الكتب العلمية فيجوز أن ينتفع بها المسلمون.
ومن هنا يتضح أن هذه الرواية منافيه لأخلاق العرب الذين كانوا يتعرضون لما فيه ذكر الله.
7 - وإذا ثبت أن المسيحين أحرقوا هيكل سيراپيس، فمن المعقول أن النيران تلتهم ما فيه من الكتب فلا تبقى عليها ولا تذر 8 - وفي غضون القرون الخامس والسادس والسابع: أي بعد حريق هذه المكتبة لم يرد لها ذكر في الآداب إذا ذاك.
9 - ولو كانت مكتبة الإسكندرية لم تزل باقية عند الفتح الإسلامي لما أحجم الروم عن نقلها إلى القسطنطينية، وقد أجاز لهم عمرو حسب عقد الصلح والهدنة حمل ما يقدرون عليه من رخيص وغال، ولديهم من الوقت ما يكفي لتحقيق هذا الغرض.
فنرى أن القول بأن احتراق مكتبة الإسكندرية كان بأمر عمرو بن العاص محض افتراء، فإنه حصل احتراقها مرارا قبل دخول العرب مصر، والمكتبة القديمة الموروثة عن الأعصر الخالية قد محتها أيدي النصارى. ومن المستحيل أن يبقى في هذه المكتبة مع توالي الحرق عليها والنقل منها ما تصل إليه يد عمرو بالحرق.