لنا من أي تاريخ أخذ، ولا من أي مصدر استقى. والظاهر أنه حين علم بأنه كان في هذا المكان مكتبة عفى الزمان على أثرها، افترض أن الذي دمرها إنما هو عمرو بن العاص قائد المسلمين، وربما شجعه على ذلك أقوال العامة أو نحو ذلك، فظن الأمر حقيقة واقعة - وعلى الجملة فالحظ الأكبر في نسبة الاحراق إلى عمرو بأمر عمر واقع على عبد اللطيف لا على أبي الفرج. أه.
وقال العلامة (سديو): ذكر أبو الفرج (1216 - 1286 ب. م) وأبو الفداء (1273 - 1331 ب. م) أن مكتبة السيراپيوم الشهيرة احترقت عقب استيلاء العرب على الإسكندرية وقد ناقش هذه الرواية كثير من الكتاب، ويظهر بادئ ذي بدء أن هذه الرواية أخذت فراغا كبيرا من التاريخ. والمعلوم أن عمرا هو الذي استشار الخليفة في موضوع تلك المكتبة فأمره بإحراقها. ولم يذكر ذلك أحد من المؤرخين المعاصرين للفتح الإسلامي. وإن صح هذا الأمر لاقتصر أثره على عدد قليل من الكتب، لأن المكتبة كان قد احترق بعضها في عهد القيصر (طيودوس) سنة 391 م، ولم يكن في الإسكندرية من هذه الدار إلا حوائط لم يأمر عمرو بهدمها إلا على أثر هياج السكان (ج 1 ص 155 - 156).
وقد طرحت هذه المسألة على بساط البحث في المجلة العلمية الفرنساوية فقال مسيو (لكلرك) نأسف إذا خالفنا مسيو سديو. إذ من المحقق أن هذه المكتبة لم تكن موجودة في ذلك الوقت (أي وقت الفتح الإسلامي).
وقال الدكتور (چوستاف ليبون) نقلا عن (لودفيك لالان) الذي ناقش مسألة إحراق مكتبة الإسكندرية مناقشة علمية مختصرة: إن أول مؤلف ذكر حريق العرب لهذه المكتبة هو عبد اللطيف الطبيب العربي البغدادي الذي توفي سنة 1231 م. أي بعد 591 سنة من وقوع تلك