ومن هذا نرجح أن الكتب قد التهمتها النيران التي أضرمت لإحراق هذا الهيكل لا أن تكون قد حملت إلى القسطنطينية. يؤيد ذلك ما ذكره (أورازيوس) من أنه وجد رفوف المكتبة خاليه من الكتب وذلك قبل سنة 414 م وهي السنة التي كتب فيها عن زيارته لهذا المكان، لا عن حراق مكتبة الإسكندرية.
وختم (بطلر) كلامه عن حريق مكتبة الإسكندرية فقال: لا أزال أقول إن إحراق العرب لتلك المكتبة غير محتمل جدا لهذا السبب، لأن العرب لم تدخل الإسكندرية إلا بعد استيلائهم عليها بأحد عشر شهرا، وقد ذكر في عهد الصلح أنه يجوز للروم أن يحملوا إلى بلادهم كل أمتعتهم، وفي غضون هذه المدة كان البحر مفتوحا، ولم تكن أمامهم أية صعوبة لحملها إلى بلادهم. وما كان يصعب على يوحنا (بفرض وجوده) وأمثاله أن يقتنوا هذه الكتب قبل أن تقع الإسكندرية نهائيا في أيدي العرب.
لقد أوردنا كثيرا من أقوال المؤرخين بشأن إحراق مكتبة الإسكندرية لكي نثبت بعد فحص هذه الأقوال والآراء إن كان عمرو ابن العاص هو الذي أحرقها بأمر الخليفة عمر، أو أن هذه المكتبة لم تكن موجودة حين الفتح الإسلامي، فنرى بعد هذه الأقوال الجلية الكثيرة أنه لم يكن بالإسكندرية ما يحرق وقت الفتح. وعلى هذا لا يسعنا إلا تكذيب رواية أبي الفرج الذي نسب هذه التهمه إلى كل من عمرو وعمر وهما منها بريئان. يشهد بذلك ما نذكره من الأدلة القاطعة على دحض رواية أبي الفرج. وإليك هذه الأدلة التي نستنتجها مما مر من الأقوال لنعزز بذلك بإيجاز فنقول:
1 - عند تحليل رواية أبي الفرج ظهر لنا لأول وهله أنها عبارة عن أكاذيب وأضاليل، وأنها أشبه شئ بخرافة طالما نعثر على أمثالها في أسفار المتقدمين. من ذلك أن كتب هذه المكتبة قد