لأعرف بمنيتي منك بنفسك ثم ضرب بيده إلى ترقوتي ونكسني عن فرسي وجعل يسوقني فدعا إلى رحاء للحارث بن كلدة الثقفي فعمد إلى القطب الغليظ فمد عنقي بكلتا يديه وأداره في عنقي والحديد ينفتل له كالعلك السخن وأصحابي هؤلاء وقوف ما اغنوا عني سطوته ولا كفوني شره فلا جزاهم الله عني خيرا فأنهم لما نظروا إليه كأنهم نظروا إلى ملك الموت فوالذي رفع السماء لقد اجتمع على فك هذا القطب مائة رجل أو يزيدون من أشداء العرب وما قدروا على فكه فدلني عجز الناس من فكه انه سحر منه أو قوة ملك قد ركبت فيه ففكه الآن عني إن كنت فاكه وخذ لي بحقي إن كنت آخذه وإلا لحقت بدار عزي ومقر مكرمتي فقد ألبسني ابن أبي طالب من العار ما صرت به ضحكة لأهل الديار، فالتفت أبو بكر إلى عمر وقال ألا ترى إلى ما يخرج من هذا الرجل كأن ولايتي والله ثقل على كاهله أو شجا في صدره فالتفت إليه عمر وقال: فيه والله دعاية لا يدعها حتى تورده فلا تصدره وجهل وحسد قد استحكما في صدره فجريا منه مجرى الدماء لا يدعانه حتى يهنيا منزلته ويورطاه ورطة الهلكة ثم قال أبو بكر لمن حضر ادعوا إلى قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري فليس لفك هذا القطب غيره، وكان قيس طوله ثمانية عشر شبرا في عرضه خمسة أشبار وكان أشد الناس في زمانه بعد أمير المؤمنين، فحضر قيس فقال يا قيس انك من شدة البدن بحيث أنت ففك هذا القطب عن أخيك خالد فقال قيس ولم لا يفكه خالد عن عنقه فقال لا يقدر عليه فقال إذا لم يقدر عليه أبو سليمان وهو نجم العسكر وسيفكم على عدوكم فكيف أنا أقدر عليه فقال له عمر دعنا يا قيس من هزئك وهزلك وخذ فيما أحضرت له فقال قيس أحضرت لمسألة تسألونيها طوعا أو كرها تخبروني عليه فقال عمر فكه إن كان طوعا أو كرها فقال قيس يا بن صهاك خذل الله من يكرهه مثلك ان بطنك لعظيم وان كرشك لكبير فلو فعلت أنت ذلك ما كان عجب قال: فخجل عمر من كلام قيس وجعل ينكث أسنانه بأنامله فقال أبو بكر دع عنك هذا ولا بد لك من فك القطب فقال قيس والله لو أقدر على ذلك لما فعلت فدونكم حدادي المدينة فإنهم أقدر على ذلك مني، قال فأتوا بجماعة من الحدادين فقالوا لا يمكن فتحه إلا أن تحميه بالنار
(١٤٩)