أيديهم لا يناله الورثة (١).
والحاصل ان مجرد العزم لصدقة الشيء من الأنبياء يخرجه عن ملكهم فلا يرثه وارثهم، وهذا مختص بالأنبياء، ولا يدل على حرمان الورثة مما تركوه مطلقا، فيكون حاصله ان ما يكون بالذات صدقة للمسلمين لا يجعل داخلا في جملة الأموال حتى يكون ميراثا، لأن النبي (صلى الله عليه وآله) لا يكون له ميراث بل يجعل أمواله صدقة بعده.
وهذا الاحتمال ذكره الإمام الرازي في تفسيره الكبير عند قوله تعالى:
﴿يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين﴾ (2) بعد أن نقل الحديث الذي رواه أبو بكر (نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة) قال: يحتمل أن يكون قوله (ما تركناه صدقة) صلة لقوله (لا نورث)، والتقدير أن الشيء الذي تركناه صدقة لا نورث، ويكون المراد أن الأنبياء إذا عزموا على التصدق بشئ فمجرد العزم يخرج ذلك عن ملكهم فلا يرثه وارثهم، إنتهى (3).
والوجه الخامس: ان ما يكون من الصدقات الفعلية في أيديهم سواء كانت أصدقوها هم من أنفسهم، أو كانت صدقة خارجية لا تدخل بعد موتهم في جملة التركة، ويكون قال ذلك من باب الإحتياط حتى لا يدخل في جملة أمواله ما هو صدقة للمسلمين.
قالوا: ويؤيده ما روي عن أبي ذر انه قال لعثمان: لم لا تقسم هذه المائة ألف درهم وحبستها عن الفقراء؟ فقال: انتظر حتى يلحق بها مثلها فافرقها، فبكى أبو بذر وقال: هل تذكر أن النبي (صلى الله عليه وآله) دخل ليلا في داره وهو في غاية الحزن والوحشة، ورأيناه الليلة الآتية في غاية السرور وحسن الحالة، فسألناه عن السبب والعلة فقال: كان البارحة في داري درهم صدقة، وخفت أن أموت