يشتري موضع المسجد من قوم بني النجار فوهبوه له، ولم ينقل في شئ من الروايات انتقاله منه وقد دفن فيه، مع أنه قد تضمن القرآن كون البيوت للنبي (صلى الله عليه وآله) بقوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم﴾ (1) ومن المعلوم ان زوجته عائشة لم يكن لها دار بالمدينة ولا لأبيها ولا لقومها لأنهم من أهل مكة، ولا روى أنها بنت بيتا لنفسها، ومع هذا فلما ادعت حجرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد وفاته التي دفن فيها صدقها أبو بكر وسلمها إليها بمجرد سكناها ودعواها، ومنع فاطمة عن فدك ولم يصدقها مع شهادته لها بالعصمة والطهارة، ورد شهودها بأن أباها وهبها ذلك في حياته، ومنع فاطمة (عليها السلام) من ميراثها وأعطى ابنته الحجرة ميراثا دفن أمواتهم فيها وضرب المعاول عند رأسه (2).
الثالث: إن معنى الخبر يحتمل وجوها متعددة وإذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال، وذلك يوضحه ما ذكره في الأنوار حيث قال: فإن قلت: هذا الحديث الذي ادعيتم أن أبا بكر قد اختلقه مروي عندكم فما الجواب عنه، وذلك أنه قد روى الصدوق باسناده إلى الصادق (عليه السلام) قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضى به، وانه ليستغفر لطالب العلم من في السماوات ومن في الأرض حتى الحوت في البحر، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ به أخذ بحظ وافر.
والجواب بعد صحة الرواية وبعد أن لا نحملها على التقية بوجوه:
الوجه الأول: أن يراد أنهم لم يقصدوا إلى توريث الدراهم والدنانير