له يحيى) (1) والقرآن يفسر بعضه بعضا.
واختلف المفسرون في أن المراد بالميراث العلم أو المال، فقال ابن عباس والحسن والضحاك أن المراد به في قوله تعالى: (يرثني ويرث من آل يعقوب) ميراث المال، وقال أبو صالح: ميراث النبوة، وقال السدي ومجاهد والشعبي:
المراد به في (يرثني) ميراث المال، وفي (يرث من آل يعقوب) ميراث النبوة، وحكي هذا القول عن ابن عباس والحسن والضحاك، وحكي عن مجاهد انه قال:
المراد من الأول العلم ومن الثاني النبوة (2).
ووجه الاستدلال بالآية ان لفظ الميراث في اللغة والشريعة والعرف إذا أطلق ولم يقيد لا يفهم منه إلا الأموال وما في معناها، ولا يستعمل في غيرها إلا مجازا، ولذا لا يفهم من قول القائل: لا وارث لفلان إلا من ينتقل إليه أمواله وما يضاهيه دون العلوم وما يشاكلها، ولا يجوز العدول بلا قرينة عن ظاهر اللفظ وحقيقته، سيما مع القرينة على تلك الحقيقة من جهات عديدة.
منها ان زكريا (عليه السلام) اشترط في وارثه أن يكون رضيا، وإذا حمل الميراث على العلم والنبوة لم يبق لهذا الإشتراط معنى، كما لا معنى لأن يقال:
اللهم ابعث إلينا نبيا بشرط أن يكون مكلفا عاقلا.
ومنها ان الخوف من بني العم ومن يحذو حذوهم يناسب المال دون النبوة والعلم، وكيف يخاف مثل زكريا من أن يبعث الله إلى خلقه نبيا يقيمه مقام زكريا ولم يكن أهلا للنبوة والعلم، سواء كان من موالي زكريا أو غيرهم، على أن زكريا كان إنما بعث لإذاعة العلم ونشره في الناس، فلا يجوز أن يخاف من الأمر الذي هو الغرض في بعثته.
فإن قيل: كيف يجوز على مثل زكريا الخوف من أن يرث الموالي ماله، وهل هذا إلا الضن والبخل؟!