وأخرجت خرقتين بيضاوتين أشد بياضا من اللبن، وأطيب ريحا من المسك والعنبر، فلفتها بواحدة وقنعتها بالثانية.
ثم استنطقتها فنطقت فاطمة (عليها السلام) بالشهادتين وقالت: ((أشهد ان لا إله إلا الله، وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء، وأن بعلي سيد الأولياء، وولدي سادة الأسباط)) ثم سلمت عليهن وسمت كل واحدة باسمها، وأقبلن يضحكن إليها، وتباشرت الحور العين، وبشر أهل السماء بعضهم بعضا بولادة فاطمة، وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك، وقالت النسوة: خذيها يا خديجة طاهرة مطهرة، زكية ميمونة، بورك فيها وفي نسلها.
فتناولتها فرحة مستبشرة، وألقمتها ثديها فدر عليها، فكانت فاطمة تنمي في اليوم كما ينمي الصبي في الشهر، وتنمي في الشهر كما ينمي الصبي في السنة (1).
وفي رواية أخرى: تنمي في اليوم كالجمعة، وفي الجمعة كالشهر (2)، إلى آخر الحديث، وكانت (عليها السلام) قبل أن تتولد بثلاثة أشهر تتكلم في بطن أمها خديجة، وكانت تسليها مما كانت تلومها عليه نساء مكة من تزوجها بمحمد (صلى الله عليه وآله) يتيم أبي طالب ونحو ذلك، وقد كانت تتلو من القرآن سورا عديدة لها.
ونقل عن خديجة أنها قالت: لما انعقد نطفة فاطمة (عليها السلام) في رحمي ظهر في نور وصفاء طوية وطينة ارتفع به حجب السماوات والأرضين عن نظري، ولم يبق شئ خفيا عني ومستورا عن بصري، فلما وضعتها زالت عني تلك الحالة.
[في فضائل خديجة سلام الله عليها] وكانت خديجة أمها معروفة بالنجابة والبهاء والجلالة، وأحب النساء عند