وفاطمة (عليها السلام) كانت فتاة فتية في عنفوان الشباب والفتوة، ولها زوج كريم، وأولاد صغار أطياب أطهار مع تعلق قلبها بهم في الغاية، وميلها إليهم في النهاية، ولم تقض من الدنيا إربا، ولا من لذائذها وطرا، ومع ذلك كله فإذا بشرت بسرعة اللحاق إلى دار القرار، والمفارقة من الدنيا وزوجها وأطفالها الصغار تبشرت، ومن غاية السرور الطارئ لها ضحكت.
فلاحظ حالها مع حال أولئك الأنبياء العظام، والرسل الكرام، وامناء الملك العلام، فهم في أي واد وهي (عليها السلام) في أي واد (1)، وان هذا والله أمر عظيم لا يحيط الانس بصفته، ولا يهتدي القلوب إلى معرفته، وما ذلك الا لأمر جعله الله في أهل هذا البيت الكريم، وسر أوجب لهم مزية التقديم، فخصهم بباهر معجزاته، وأظهر فيهم آثار بيناته، وأيدهم ببراهينه الصادعة، ودلالاته الساطعة، والله أعلم حيث يجعل رسالته.
تتميم الكلام في بعض فضائل الزهراء (عليها السلام):
قد اتفق المخالف والمؤالف على أنه كلما جاءت فاطمة (عليها السلام) إلى مجلس أبيها قام إليها وقبلها وأجلسها في مكانه وعظمها، وهي أيضا كانت تفعل كذلك بأبيها كلما جاء إليها، ولكن العجب من الأمر السابق لا اللاحق، وما ذلك الا من جهة ان لها عند الله فضلا عظيما ومقاما كريما، والا فقد أمر الله بتعظيم الولد للوالد لا بعكس القضية، وهو بضد ما أمر به أمته.
قال علي بن عيسى الأربلي في هذا المقام: ولولا أن فاطمة (عليها السلام) سرا إلهيا ومعنى لاهوتيا لكان لها أسوة بسائر أولاده (صلى الله عليه وآله)، ولقاربوا منزلتها عنده، ولكن الله يصطفي من يشاء (2).
قال: وفضل فاطمة (عليها السلام) مشهور، ومحلها من الشرف من أظهر