وروي أيضا في شرح ابن أبي الحديد أن فدك كانت صافية في عهد الخلفاء الثلاثة، فلما ولي الأمر معاوية بن أبي سفيان أقطع مروان بن الحكم ثلثها، وأقطع عمرو بن عثمان بن عفان ثلثها، وأقطع يزيد بن معاوية ثلثها، وذلك بعد موت الحسن بن علي (عليه السلام)، فلم يزالوا يتداولونها حتى خلصت كلها لمروان بن الحكم أيام خلافته، فوهبها لعبد العزيز ابنه، فوهبها عبد العزيز لابنه عمر بن عبد العزيز، فردها عمر بن عبد العزيز على ولد فاطمة (عليها السلام) على ما مر (١).
((تنبيه)) قال ابن أبي الحديد: اعلم أن الناس يظنون أن نزاع فاطمة مع أبي بكر كان في أمرين: في الميراث والنحلة، وقد وجدت في الحديث انها نازعت في أمر ثالث ومنعها أبو بكر إياه أيضا، وهو سهم ذي القربى.
وروى أحمد بن عبد العزيز الجوهري عن أنس أن فاطمة (عليها السلام) أئت أبا بكر فقالت: قد علمت الذي حرم علينا أهل البيت من الصدقات، وما أفاء الله علينا من الغنائم في القرآن من سهم ذوي القربى، ثم قرأت عليه قوله تعالى:
﴿واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى..﴾ (2).
فقال لها أبو بكر: بأبي أنت وأمي ووالد ولدك، السمع والطاعة لكتاب الله ولحق رسوله وحق قرابته، وأنا أقرأ من كتاب الله الذي تقرأين، ولم يبلغ علمي منه أن هذا السهم من الخمس مسلم إليكم كاملا، قالت: أملك هولك ولأقربائك؟ قال:
لا بل أنفق عليكم منه وأصرف الباقي في مصالح المسلمين، قالت: ليس هذا بحكم الله، فقال: هذا حكم الله، فإن كان رسول الله عهد إليك في هذا عهدا صدقتك وسلمته كله إليك وإلى أهلك.
قالت: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) لم يعهد إلي في ذلك بشئ إلا اني