فليت شعري هل كان ذلك الترك والإهمال لعدم الاعتناء بشأن بضعته التي كانت يؤذيه ما آذاها ويريبه ما رابها، أو بأمر زوجها وابن عمه وأخيه المساوي لنفسه ومواسيه بنفسه، أو لقلة المبالاة بتبليغ أحكام الله تعالى وأمر أمته، وقد أرسله الله بالحق بشيرا ونذيرا للعالمين.
السادس: إنا مع قطع النظر عن جميع ما تقدم نحكم قطعا بأن مدلول هذا الخبر كاذب باطل، ومن أسند إليه هذا الخبر لا يجوز له الكذب، فلا بد من القول بكذب من رواه والقطع بأنه وضعه وافتراه.
أما المقدمة الثانية فغنية عن البيان.
وأما الأولى فبيانها انه قد جرت عادة الناس قديما وحديثا بالاخبار عن كل ما جرى بخلاف المعهود بين كافة الناس، وخرج عن سنن عاداتهم سيما إذا وقع في كل عصر وزمان، وتوفرت الدواعي إلى نقله وروايته، ومن المعلوم لكل أحد أن جميع الأمم على اختلافهم في مذاهبهم يهتمون بضبط أحوال الأنبياء وسيرتهم، وأحوال أولادهم وما يجري عليهم بعد آبائهم، وضبط خصائصهم وما يتفردون به عن غيرهم.
ومن المعلوم أيضا أن العادة قد جرت من يوم خلق الله الدنيا وأهلها إلى زمان انقضاء مدتها وفنائها بأن يرث الأقربون من الأولاد وغيرهم من أقاربهم وذوي أرحامهم، وينتفعوا بأموالهم وما خلفوه بعد موتهم، ولا شك لأحد في أن عامة الناس عالمهم وجاهلهم، وغنيهم وفقيرهم، وملوكهم ورعاياهم يرغبون إلى كل ما نسب إلى ذي شرف وفضيلة ويتبركون به، ويحرزه الملوك في خزائنهم، ويوصون به لأحب أهلهم، فكيف بسلاح الأنبياء وثيابهم وأمتعتهم؟ ألا ترى الأعمى إذا أبصر في مشهد من المشاهد المشرفة، أو توهمت العامة انه أبصر اقتطعوا ثيابه وتبركوا بها، وجعلوها حرزا من كل بلاء.
إذا تمهدت هذه المقدمات فنقول: لو كان ما تركه الأنبياء من لدن آدم إلى الخاتم (صلى الله عليه وآله) صدقة لقسمت بين الناس بخلاف المعهود من توارث