في السنة الرابعة والخمسين من الغار المشهور المسمى بغار الثور.
[كتاب تبع اليمن إلى النبي (صلى الله عليه وآله)] وروي أن حمير بن دروع من تبابعة اليمن لما وصل إلى المدينة في أثناء فتحه البلاد، ومعه حينئذ سوى جيشه الطمطام أربعة آلاف نفر من الحكماء العظام، رئيسهم حكيم ماهر مسمى بشامول، تأمل هؤلاء الحكماء أرض المدينة، وعلموا من الكتب السالفة أن هذا المكان هو مهاجر نبي آخر الزمان، فعزموا على التوطن في هذا المقام.
فلما علم الملك بذلك من الحكماء الأعلام اختار منهم أربعمائة نفر، وبنى لكل منهم منزلا في المدينة وأقامهم هناك، وبنى دارا عظيم البنيان عالي المكان لنبي آخر الزمان، وكتب لذلك كتابة فيها قوله:
((إلى محمد بن عبد الله خاتم النبيين، ورسول رب عالمين من تبع بن دروع، أما بعد يا محمد فإني آمنت بك وبكتابك الذي أنزل الله عليك، وأنا على دينك وسنتك، وآمنت بربك ورب كل شئ، وبكل ما جاء من ربك من شرائع الإسلام والإيمان، وأنا قبلت ذلك فإن أدركتك فبها ونعمت، وإن لم أدركك فاشفع لي يوم القيامة، ولا تنسني فإني من أمتك من الأولين، وتابعتك قبل مجيئك، وقبل أن يرسل الله إياك، وأنا على ملتك وملة أبيك إبراهيم)).
ثم ختم الكتاب ونقش عليه قوله: ((لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون)) وسلم الكتاب إلى شامول، وأوصاه أن يوصله بيده أو بيد أولاده إلى الرسول (صلى الله عليه وآله)، حتى انتهى ذلك بعد أحد وعشرين بطنا إلى أبي أيوب الأنصاري - وكان من أولاد شامول -.
فلما هاجر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى المدينة فأرسل أبو أيوب هذه الكتابة مع شخص معتمد مسمى بأبي ليلى إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فوصل إليه في أثناء الطريق (1) في قبيلة بني سليم، فلما لقيه قال له