ولما كان توجه النبي (صلى الله عليه وآله) غالبا إلى إرشاد الأمة والهداية المتحققة منه (صلى الله عليه وآله) بالنسبة إليهم بعد البعثة، لم يفد إلا تنوير ظاهر المكلفين في هذه النشأة، فبظهور نور ولاية أمير المؤمنين (عليه السلام) زادت النورية، فصارت سارية إلى البواطن أيضا لكن إلى نهاية محدودة.
ثم تعمق إلى عالم الباطن بتوجه فاطمة (عليها السلام)، ومعرفة الناس إياها، ثم بتوجه الحسن (عليه السلام) إليهم، ثم بتوجه الحسين (عليه السلام) مجدا في إنقاذ الأمة، فيصح أن يقع ذكر خلق السماوات والأرض وما فوقهما إلى منتهى العوالم العالية بعكس التدريج الأصلي، كما وقع في الخبر الأخير المروي عن عبد الله بن مسعود.
وبعبارة أخرى ان هذا الترتيب المذكور في هذه الرواية إنما هو باعتبار القوس الصعودي في مقام (أقبل فأقبل) لا النزولي في مقام (أدبر فأدبر) فتبصر وتدبر.
[الأخبار في تسميتها بالإنسية الحوراء] ومنها الإنسية الحوراء، وقد ورد في التسمية بها أخبار مستفيضة.
منها الخبر عن ابن عباس قال: دخلت عائشة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقبل فاطمة (عليها السلام)، فقالت له: أتحبها يا رسول الله؟ قال (صلى الله عليه وآله): أما والله لو علمت حبي لها لازددت لها حبا، انه لما عرج بي إلى السماء الرابعة أذن جبرئيل وأقام ميكائيل، ثم قال لي: ادن يا محمد، فقلت: أتقدم وأنت بحضرتي يا جبرئيل.
قال: نعم، إن الله عز وجل فضل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين، وفضلك أنت خاصة عليهم، فدنوت وصليت بأهل السماء الرابعة، ثم التفت عن يميني فإذا أنا بإبراهيم في روضة من رياض الجنة، وقد اكتنفها جماعة من الملائكة.
ثم إني سرت إلى السماء الخامسة، ومنها إلى السادسة، فنوديت: يا محمد، نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك علي، فلما صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل