في نور، ونورا على نور في نور، ونورا في نور على نور.
والحاصل ان النور متضاعف، فإن نور المصباح زاد في إنارته صفاء الزيت، وزهرة القنديل الزجاجي، والمشكاة النورية، وضبطها للأشعة مع اجتماع الأنوار وعدم حصول الإنتشار، على ما أشير إليه سابقا.
((يهدي الله لنوره من يشاء)) أي يهدي الله لهذا النور الثاقب الباهر - بأي معنى أريد - من يشاء من عباده بإعطاء الاستعداد، أو التوفيق واللطف، أو إزالة الخذلان.
((ويضرب الله الأمثال للناس)) تقريبا إلى الأفهام، وتسهيلا لدرك المرام، بإدناء المعقول إلى المحسوس إيضاحا وبيانا وتوضيحا وتبيانا ((والله بكل شئ)) معقولا كان أو محسوسا، ظاهرا كان أو باطنا ((عليم)) فيضع الأشياء مواضعها، أو يعلم قابلية العباد فيهدي بعضهم إلى نوره بإفاضة الاستعداد، وبعضهم بإعانة التوفيق واللطف، وبعضهم بعدم الخذلان، وهو الكريم المنان ذو اللطف والإحسان.
تفصيل في بيان التمثيل:
إعلم ان المشكاة الموصوفة بما مر هو الممثل به ونور الله تعالى هو الممثل، وتطبيق الممثل على الممثل به يتصور هنا على وجوه كثيرة منقولة وغير منقولة، بأن يجعل المراد من الممثل أي نور الله هو خاتم الأوصياء، أي القائم (عليه السلام) الثاني عشر من الأئمة الكرام، وهو نور الله في السماوات والأرضين، كما ورد في تفسير قوله تعالى: ﴿وأشرقت الأرض بنور ربها﴾ (1) بأن المراد من نور الرب هو القائم (عليه السلام) (2).
وهو النور الظاهر والباطن يظهر فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا، فهو (عليه السلام) هو المصباح، والزجاجة هو الحسين (عليه السلام)، والمشكاة هي فاطمة الزهراء (عليها السلام)، وهذا المصباح يوقد من شجرة الحقيقة المحمدية، وهي الزيتونة المباركة لبركة آثارها وعدم تناهي أطوارها،