فلعله لاحظ النبي (صلى الله عليه وآله) وفاطمة ما في فلك من كون فاطمة ضرة لغيرها أو غيرها ضرة لها، فيحصل لها تحمل المشقة حينئذ فأخذتهما الغيرة، وقد صدر من بنات الأنبياء ما هو أشد من ذلك، فإن سارة ألزمت إبراهيم (عليه السلام) أن يخرج عنها هاجر وابنها إسماعيل إلى واد غير ذي زرع، ولا ينزل معهما بل يضعهما فيه وهو راكب ويرجع إليها، وقد أمر الله إبراهيم أن يمتثل أمر سارة (1).
وثانيا: إن المعصومين (عليهم السلام) قد يتنزلون عن مراتبهم إلى مراتب البشرية، ويقع منهم الرضا والغضب والمحاورات المتعارفة لحكم ومصالح ملحوظة، مثل أن لا يظن بهم الربوبية، كما وقع من الغلاة والمفوضة، ومثل أن يتعقبه المحبة القويمة والخلة المستقيمة.
وثالثها: إن هذا كان كما يظهر من سياق الرواية إتماما للحجة بنحو أبلغ وآكد على الصحابة عند غصب فدك والعوالي، حيث إنه غصب بعضهم ورضى الآخرون، وكان النبي (صلى الله عليه وآله) يعلم بوقوع تلك القضية، وكذا فاطمة وعلي (عليهما السلام)، ففعلوا كذلك من باب المقدمة والتمهيد والتوطئة، فلم تكن المقدمة قادحة بوجه من الوجوه، وذلك واضح عند أهل البصيرة.
[في تسميتها بمشكاة الضياء وفي تفسير آية النور] ومنها مشكاة الضياء، وهذا إشارة إلى كونها (عليها السلام) مصداق آية النور، وهو كذلك على أحد الوجوه إذ للآية المذكورة تفسيرات كثيرة منقولة ومحتملة،