فيدخلها الورثة في جملة أموالي، واليوم تصدقت به وحصلت لي الطمأنينة.
وقد فعل مثل ذلك عمر أيضا حيث نادى يوما: وا عمراه، فاجتمع الأصحاب وسألوا عن القصة فقال: إن في داري درهم صدقة، وأخاف أن أموت الليلة فيدخله الورثة في جملة التركة.
الرابع: ان الخبر مع قطع النظر عن الإجماع والأخبار المتواترة المطلقة أو العامة في عمومية التوريث بالنسبة إلى الأنبياء وغيرهم بلا فرق في المرحلة، مخالف للآيات العامة والخاصة في خصوص التوريث من الأنبياء، كالآيات التي استدلت بها فاطمة (عليها السلام) في أثناء الخطبة وغيرها، منها قوله تعالى:
﴿وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ ان هذا لهو الفضل المبين﴾ (١).
ووجه الدلالة هو أن المتبادر من قوله تعالى: (ورث...) انه ورثه ماله كما يأتي في الآية الثانية فلا يعدل عنه إلا لدليل، واما الاعتراض على ذلك بقوله تعالى: ﴿ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا﴾ (2) وقولهم: ما ورثت الأبناء من الآباء شيئا أفضل من حسن أدب، وقولهم: العلماء ورثة الأنبياء - كما اعترض بها قاضي القضاة - فغلط، لأن كل ذلك إنما هو من جهة القرينة الموجودة، وكلامنا إنما هو في صورة الإطلاق.
وأجاب قاضي القضاة في المغني بأن في الآية ما يدل على أن المراد وراثة العلم دون المال، وهو قوله تعالى: (وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير) فإنه يدل على أن الذي ورث هو هذا العلم وهذا الفضل وإلا لم يكن لهذا تعلق بالأول (3).
وقال الرازي في تفسيره: لو قال: ورث سليمان داود ماله لم يكن لقوله تعالى:
(وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير) معنى، وإذا قلنا مقامه: ورث من النبوة