فسمعت ذلك أسماء بنت عميس وكانت تحت أبي بكر فقالت لجاريتها:
إذهبي إلى منزل علي وفاطمة (عليهما السلام) واقرئيهما السلام وقولي لعلي (عليه السلام): ﴿إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين﴾ (1)، فجاءت الجارية ففعلت كما أمرت، فقال أمير المؤمنين (عليه السلام): قولي لها: إن الله يحول بينهم وبين ما يريدون، فمن يقتل الناكثين والقاسطين والمارقين؟!
ثم قام وتهيأ للصلاة وحضر المسجد، وصلى لنفسه خلف أبي بكر وخالد بن الوليد - لعنه الله - يصلي بجنبه ومعه السيف، فلما جلس أبو بكر في التشهد ندم على ما قال وخاف الفتنة وعرف شدة علي وبأسه، فلم يزل متفكرا لا يجسر أن يسلم حتى ظن الناس انه قد سهى وكادت الشمس تطلع، ثم التفت إلى خالد وقال:
يا خالد لا تفعلن ما أمرتك - ثلاثا - أو قال: لا يفعلن خالد ما أمرته به، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
فالتفت علي (عليه السلام) فإذا خالد مشتمل على السيف إلى جانبه، فقال علي (عليه السلام): يا خالد ما الذي أمرك به؟ فقال: أمرني بضرب عنقك، قال:
أوكنت فاعلا؟ قال: اي والله لولا أنه قال لي لا تفعله قبل التسليم لقتلتك (2)، فقال له علي (عليه السلام): كذبت لا أم لك، من يفعله أضيق حلقة است منك، قال: فأخذه علي (عليه السلام) وجلد به الأرض (3).
وفي رواية أخرى: فأخذ بمجامع ثوبه وضرب به الحائط، وأخذ حلقه بإصبعيه السبابة والوسطى فعصره وغمزه على سارية المسجد، فصاح خالد صيحة منكرة ففزع الناس وهمتهم أنفسهم، وأحدث خالد في ثيابه وجعل يضرب برجليه ولا يتكلم.
فقال أبو بكر لعمر: هذه مشورتك المنكوسة كأني كنت أنظر إلى هذا، وأحمد