وظهرت حجته، قال: مه هل رأيت حجة على حجة مؤمن.
ثم دنا منه فسلم عليه فردها ورد القوم بأجمعهم، فقال: يا أبا حنيفة إن لي أخا يقول: ان خير الناس بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) علي بن أبي طالب، وأنا أقول: أبو بكر خير الناس وبعده عمر، فما تقول أنت رحمك الله؟ فأطرق مليا ثم رفع رأسه فقال: كفى بمكانهما من رسول الله (صلى الله عليه وآله) كرما وفخرا، أما علمت انهما ضجيعاه في قبره، فأي حجة تريد أوضح من ذلك؟.
فقال له الفضال: إني قد قلت ذلك لأخي فقال: والله إن كان المكان لرسول الله (صلى الله عليه وآله) دونهما فقد ظلما بدفنهما في مضجع ليس لهما بحق، وإن كان الموضع لهما فوهباه لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فقد أساءا أو ما أحسنا إذ رجعا في هبتهما ونسيا عهدهما، فأطرق أبو حنيفة ساعة ثم قال: لم يكن له ولا لهما خاصة، ولكنهما نظرا في حق عائشة وحفصة فاستحقا الدفن في ذلك الموضع بحقوق ابنتيهما.
فقال له فضال: قد قلت له ذلك فقال: أنت تعلم أن النبي (صلى الله عليه وآله) مات عن تسع نساء، ونظرنا فكان لكل واحدة منهن تسع الثمن، ثم نظرنا في تسع الثمن فإذا هو شبر في شبر، فكيف يستحق الرجلان أكثر من ذلك؟! وبعد فما بال عائشة وحفصة يرثان رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفاطمة بنته تمنع الميراث؟
فقال أبو حنيفة: يا قوم نحوه عني فإنه رافضي خبيث (1).
ثم قال بعد هذه الرواية: أقول: ويوضح هذا ما رووه في الجمع بين الصحيحين للحميدي وغيره أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما هاجر إلى المدينة أقام ببعض دور أهلها واستعرض مربدا للتمر كان لسهل وسهيل كانا يتيمين في حجر سعد بن زرارة ليشتريه، فوهبا له.
وروى الحميدي رواية أخرى وهو ان النبي (صلى الله عليه وآله) أراد أن