وإذا كانت هذه الكلمات تحجب عن معرفة الأشياء القريبة فضلا عن البعيدة، فكذلك حجب الكفار عن معرفة عجائب أحوال النبي (صلى الله عليه وآله)، مع قرب تناوله وظهوره بأدنى تأمل، فبالحري أن يعبر عنه بأنه لو أخرج يده لم يكد يراها، وإذا كانت منبع الأنوار كلها من النور الأول الحق، فبالحري أن يعتقد كل موحد أن من لم يجعل الله له نورا فماله من نور، إنتهى.
[تحقيق من المصنف] وأقول في تحقيق الحال وتوضيح المقال في المجال بحيث يشمل جميع الأقوال، وكلما يمكن هنا من وجوه الاحتمال كلاما مشتملا على التفصيل وإن كان في صورة الإجمال، وهو:
إن الله تعالى في عالم الذات الباطنة الذي هو عالم الذات البحت البات لا اسم له ولا رسم له، وليس بنور ولا ظلمة، عار عن جميع الحدود والكيفيات، عال عن تصور الأوهام والخيالات متعال عن التعينات والإشارات، مطلق عن جميع القيود والاعتبارات، السبيل إليه في هذا العالم مسدود، وطلبه في ذلك المقام الشامخ مردود، دليله آياته، ووجوده إثباته، كل ما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه فهو مخلوق مثلكم مردود إليكم.
آن مگوكاندر عبارت نايدت * وين مگوكاندر أشارت نايدت وأما في عالم الذات الظاهرة فهو النور الحقيقي الظاهر بنفسه المظهر لغيره، وهو نور الأنوار، ومبدأ الأدوار، ومنتهى الأكوار، ومقام لم أعبد ربا لم أره، وما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله وبعده ومعه، وهو تعالى في هذا العالم نور السماوات والأرض، وكذا ما بينهما وما فوقهما وما تحتهما، وسبب نورهما ومنورهما وهاديهما ومزينهما، وغير ذلك من المعاني المذكورة هنا المشار إليها في جملة ما أسلفناه، فيصح اعتبار جميعها بلا اختصاص ببعضها.
ويجوز في لفظ السماوات والأرض حينئذ إعتبار ظاهرهما وباطنهما، وظاهرهما حاو لباطنهما ومشتمل لجميع ما فيهما، فيشملان جميع الموجودات