((تمهيد مقال لبيان حال)) اعلم أن إطلاق نفس الله على علي (عليه السلام)، ومثله إطلاق روح الله على عيسى (عليه السلام)، وإن كان له وجه ظاهر يفهمه الخواص والعوام، وهو كون النسبة لمحض الإعظام والإكرام، كما يقال لبيت الله، وناقة الله، ونحو ذلك أي بيت عظيم مثلا، لأن الله تعالى عظيم، والمنسوب إلى العظيم عظيم.
لكن قيل إن هناك معنى على حدة لتصحيح هذه النسبة وتوجيهها، وهو ان للعالم الصغير - وهو الانسان الذي هو أنموذج العالم الكبير - عوالم متدرجة مرتبة بعضها فوق بعض في الرتبة.
عالم الجسم الناسوتي، ثم عالم النفس الملكوتي، ثم العقل الجبروتي، والروح غير معدود من المراتب، بل هو برزخ بين العالمين وحاجز بين البحرين، ثم الفؤاد اللاهوتي، وهو مقام مظهريته للآثار الإلهية بالنسبة إلى ما دونه بالتدبير والتربية، وهو عنوان لفظ الجلالة، وهو الذات المستجمع لصفات الألوهية والربوبية، أي الذات الظاهرة في عالم العنوانية، وهو عالم توجه الفؤاد إلى العقل الذي هو أول مخلوقات الباري سبحانه.
ثم الفؤاد اللاهوتي، أي هاهو باعتبار وجهه العالي بلا اعتبار شئ من الصفات معه، وانما يشار إليه بهو، ثم المعنى الأزلي الذي لا اسم له ولا رسم له، واطلاق المعنى عليه من جهة ضيق العبارة، والا فهو منقطع الإشارات، ومنتهى الاعتبارات.
آن مگو كاندر عبارت نايدت * وين مگو كاندر أشارت نايدت وهو عالم الذات البحت البات في أزل الآزال بالنسبة إلى هذا الذات، وهي الذات الحقيقية الباطنية لا الظاهرة الصورية.
وهذه المراتب الستة ملحوظة في العالم الكبير أيضا، ومن عرف نفسه فقد عرف ربه، على الوجه الذي مر إليه الإشارة، وهو وجه من الوجوه المنتهية إلى العشرين بل إلى السبعين، كما أشرنا إليها في معنى الرواية في كتابنا المسمى