نبذ يسير منها في تلك المرحلة، على أنه قد تقرر عند الخاصة والعامة قوله (صلى الله عليه وآله): (أقضاكم علي) (1) مع قطع النظر في سائر فضائله المأثورة، وعلم القاضي حجة فليس لغير القاضي أن يطلب بالشهادة وبعد الشهادة يرد شهادته.
[الفصل الثاني] وأما الفصل الثاني المشتمل على تحقيق الحال في المسألة الفروعية، فالكلام فيه مبتن على تحقيق مسألتين من المسائل الفقهية، وهما مسألتا دعوى الزهراء (عليها السلام) فدكا من باب النحلة، ثم دعواها كونها إرثا لها من أبيها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، في ضمن هذا التحقيق يتحقق عند كل أحد ممن له أدنى دربة من الخاصة والعامة أن فاطمة (عليها السلام) كانت محقة في دعوى فدك البتة حينئذ، وانها كانت لها مختصة بها إما على سبيل النحلة والعطية، أو على سبيل الإرثية.
وان أبا بكر كان غاصبا حقها ظالما لها، وانه ما كان عارفا بالمسائل الشرعية، وأن طلبه البينة من الزهراء (عليها السلام) كان غلطا من جهة الأصول والقواعد الفرعية، وانه ما كان يعرف الفرق بين المدعي والمنكر، وان جرحه شهود الزهراء (عليها السلام) بما جرح مثل طلبه منها البينة، وكذا نقله الرواية التي تمسك بها في نفي توريث الأنبياء، وان كل ذلك لم يكن له وجه بالمرة.
فنقول: إعلم انه قد تبين مما ذكر من الأخبار والروايات، والخطب والاحتجاجات المذكورة في أمر فدك، وادعاء فاطمة (عليها السلام) لها انه كان لفاطمة فيها دعويان:
أولاهما وهي الدعوى الحقيقية أن فدك كانت نحلة وعطية لها من قبل أبيها في حال حياته، وكانت في تصرفها وقبضها، وكان فيها وكيلها حتى أخرجه