(أفبالله الذي أرسلك، أهو أرسلك بما تقول؟ قال: (نعم....) الحديث.
وروى النسائي نحوه مختصرا.
وروى البزار برجال الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أتت الصباء الشمال ليلة الأحزاب فقالت: مري حتى تنصري رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت الشمال: ان الحرة لا تسري بالليل. وتقدم الحديث في غزوة الخندق.
وقوله: (مسيرة شهر) مفهومه أنه لا يوجد لغيره النصر بالرعب في هذه المدة ولا في أكثر منها، أما ما دونها فلا، لكن في رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن الإمام أحمد:
(ونصرت على العدو بالرعب ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر) فالظاهر اختصاصه بها مطلقا.
وروى ابن أبي شيبة في مسنده، وأبو يعلى عن أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعطيت فواتح الكلم، وجوامعه وخواتمه).
قال الحافظ: وانما جعل الغاية شهرا لأنه لم يكن بين بلده وبين أحد من أعدائه أكثر منه.
وقال تلميذه الخضري: وهذا فيه نظر، بل دعوته بلغت أطراف البلاد البعيدة مما مسيرته أكثر من شهر، وكل من لم يجبه إلى الاسلام، فهو عدوه اللهم الا أن تحمل العداوة على من راسله واستمر على المخالفة والمنابذة. قلت: الظاهر أن مراد الحافظ بالعداوة هنا من تصدى لقتال، والله تعالى أعلم.
وهذه الخصوصية حاصلة له صلى الله عليه وسلم على الاطلاق حتى لو كان وحده بغير عسكر، ويرحم الله البوصيري حيث قال:
كأنه وهو فرد من جلالته في عسكر حين تلقاه وفي حشم تنبيه: في حديث جابر وأبي هريرة رضي الله عنهما مسيرة شهر وفي حديث لابن عباس مسيرة شهرين والرواية الأولى مقدمة على الثانية بالصحة. قلت: لا مخالفة بينهما.
قال محمد بن شهاب الزهري: بلغني أن (ايتاءه صلى الله عليه وسلم جوامع الكلم) أن جوامع الكلم أن يجمع الله تعالى له الأمور الكثيرة التي كانت تكتب في الكتب قبله في الامر الواحد والامرين، وقال الهروي: هي القرآن، جمع الله فيه الألفاظ الشهيرة من المعاني الكثيرة وكلامه صلى الله عليه وسلم كان بالجوامع قليل اللفظ كثير المعاني ومن تأمل الأحاديث الصحيحة ظهر له ذلك وقد ذكرت شيئا من ذلك في باب فصاحته صلى الله عليه وسلم.
قال الامام القاضي أبو بكر محمد بن أبي الوليد أحمد بن عيسى بن حجاج الإشبيلي