قاضي مراكش رحمه الله تعالى قوله صلى الله عليه وسلم: (بين يدي) يشعر أنه يريد إذا شرعت في حركة لعدو يقدمني الرعب إليهم، وبيني وبينهم مسيرة شهر، ولا شك أن كل متوجه لقتال قوم لابد من وقوع خوف منه لأول سماعهم، بتوجهه إليهم على مسيرة شهر، أو على أكثر، أو على أقل، هذا الذي خص به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، والذي يظهر والله تعالى أعلم أن الرعب اللاحق للمقصود على مراتب، رعب يلحق على البعد، ورعب يلحق على القرب (......). ثم قال: إن الرعب الذي يلحق بالمشاهدة يلحق من توجهه صلى الله على مسيرة شهر، ومن هنا يعرف حكمة التخصيص بشهر وذلك أن سليمان صلى الله عليه وسلم سخر له الجن والريح تجري به من غدوته وروحته مسيرة شهر فكان إذا توجه نحو عدو كانت مرحلته إليه مسيرة شهر لغيره فكان رعب المشاهدة يأتي منه على مسيرة شهر لقطعه إياه في الرحلة الواحدة، فأعطى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم رعب المشاهدة على مقدار تلك المسافة، وان لم يكن يلحق إياه بعد قطعها، والله تعالى أعلم. انتهى كلامه وظاهر حديث السائب رضي الله عنه أن العدو الواحد لا يكون في جهتين بعيدتين وانما يكون في إحدى الجهات، اما أمامه أو خلفه فهو يرعب ولو لم يقابله، فأطلق الشهر باعتبار إحدى الجهتين، وكذا لو كانا عدوين في جهتين أمامه وخلفه فالشهر نهاية مسافة الخوف، ولم أر من نبه على هذا وهو بديع والله تعالى أعلم.
الثانية عشر بعد المائة:
وبأنه نصر بالصبا وأهلكت عاد بالدبور وكانت عذابا على من قبله كما رواه الإمام الشافعي.
روى الطبراني باسناد رجاله ثقات عن أنس وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور) (1).
الثالثة عشر بعد المائة:
وبأنه صلى الله عليه وسلم أوتي مفاتيح خزائن الأرض على فرس أبلق عليه قطيفة من سندس عد هذه ابن عبد السلام رضي الله عنه.
الرابع عشر بعد المائة:
وبهبوط إسرافيل عليه ولم يهبط على أحد قبله. عد هذه ابن منيع رضي الله عنه.
روى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (بينما أنا نائم أوتيت بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت بين يدي)، قال أبو هريرة: فقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتثلونها.