ولا تشبع منه العلماء ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه ومن عمل به أجر ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم.
الثامنة والأربعون:
وبأنه ميسر للحفظ، قال الله سبحانه وتعالى: (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) (القمر 17).
التاسعة والأربعون:
وبأنه نزل منجما قال الله سبحانه وتعالى: فلا أقسم بمواقع النجوم) (الواقعة 75) روى ابن أبي شيبة والبيهقي والحاكم من طريق سعيد بن جبير، والنسائي والحاكم والبيهقي من طريق عكرمة بأسانيد صحيحة وابن مردويه والبيهقي من طريق مقسم كلهم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: فصل الله القرآن من الذكر وأنزله في ليلة القدر جملة واحدة فوضع في بيت العزة من السماء الدنيا، وكان الله تعالى ينزله على رسوله صلى الله عليه وسلم على مواقع النجوم رسلا في الشهور والأعوام، بعضه اثر بعض بجواب كلام العباد وأفعالهم وأعمالهم، كلما أحدثوا شيئا أحدث الله لهم جوابا. قال أبو شامة، قوله (رسلا) أي رفقا، وعلى مواقع النجوم: أي على مثل مساقطها، يريد، انه أنزل مفرقا يتلو بعضه بعضا على تؤدة ورفق.
وقال العلماء (1): في نزوله إلى السماء جملة تكريم بني آدم وتعظيم شأنهم عند الملائكة وتعريفهم عناية الله تعالى ورحمته لهم، (ولهذا المعنى أمر سبعين ألفا من الملائكة أن تشيع سورة الأنعام)، وان هذا آخر الكتب المنزلة على خاتم الرسل لاشرف الأمم قد قربناه إليهم لننزله عليهم، وفيه التسوية بين موسى ونبينا صلى الله عليهما وسلم في انزال كتابه جملة، والتفضيل لمحمد في انزاله عليه منجما ليحفظه. قال أبو شامة: فان قيل ما السر في نزوله منجما؟ وهلا نزل كسائر الكتب جملة واحدة! قلنا: هذا سؤال قد تولى الله جوابه، فقال تعالى: (وقال الذين كفروا: لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة) (الفرقان 32) يعنون كما أنزل على من قبله من الرسل، فأجابهم تعالى بقوله: (كذلك أي أنزلناه كذلك مفرقا لنثبت به فؤادك) (الفرقان 32) أي لنقوي به قلبك، فان الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب وأشد عناية بالمرسل إليهم، ويستلزم ذلك كثرة نزول الملائكة إليه، وتجدد العهد به، وما معه من الرسالة الواردة من ذلك الكتاب العزيز، فيحدث له من السرور ما