الرحمن، فبينما هو كذلك إذ خرج ملك من الحجاب، فقال: الله أكبر، الله أكبر، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي، لا اله الا أنا، قال الملك: أشهد ان محمدا رسول الله، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي، أنا أرسلت محمدا، فقال الملك: حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، ثم قال الملك: الله أكبر، الله أكبر، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي، أنا أكبر، أنا أكبر، ثم قال الملك: لا إله إلا الله، فقيل من وراء الحجاب: صدق عبدي، لا اله الا أنا، ثم أخذ الملك بيد محمد فقدمه، فأما أهل السماوات فيهم آدم ونوح فيومئذ أكمل الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وسلم الشرف على أهل السماوات والأرض.
رواه البزار بسند جيد، وأبو الشيخ وابن شاهين، ورواه عن عائشة، ورواه ابن شاهين عن محمد بن الحنفية، ورواه الطبراني وابن شاهين عن ابن عمر وأسانيدها كلها تالفة كما بينت ذلك في بيان اتحاف البيت ببيان ما وضع في معراج البيت، قلت: في سنده زياد بن المنذر أبو الجارود، قال ابن معين: كذاب عدو الله.
وقال الذهبي وابن كثير: هذا من وضعه، وأورده القاضي في الشفاء، والسهيلي في الروض، والنووي في شرح مسلم ساكتين عليه وما في الحديث من ذكر الحجاب فهو في حق المخلوق، لا في حق الخالق، فهم المحجوبون والبارئ جل اسمه تنزه عما يحجبه من الحجب انما يحيط بقدر محسوس، ولكن حجبه عن أنصار خلقه، وبصائرهم وادراكاتهم ما يشاء وكيف يساء لقوله تعالى: (كلا انهم يومئذ عن ربهم لمحجوبون) (المطففين 15)، فقوله في هذا الحديث: الحجاب وخروج ملك من الحجاب، يجب أن يقال: حجاب حجب به من وراءه من ملائكته عن الاطلاع على ما دونه من سلطانه وعظمته، وحجاب ملكوته وجبروته، ويدل عليه من الحديث قول جبريل عليه السلام من الملك خرج من ورائه، ان هذا الملك ما رأيته منذ خلقت قبل ساعتي هذه، فدل أن هذا الحجاب لم يختص بالذات، ويدل عليه قول كعب رضي الله عنه في تفسير سدرة المنتهى إليها ينتهي علم الملائكة، وعندها يجدون أمر الله تبارك وتعالى لا يجاوزها علمهم، وأما قوله: (الذي يلي الرحمن)، فيعمل على حذف مضاف، أي يلي عرش الرحمن أو أمرا ما من عظيم آياته أو مبادئ حقائق معارفه، وكما هو أعلم به كما قال تعالى: (واسأل القرية) (يوسف 82) أي أهلها، فقوله: (قيل من وراء الحجاب: صدق عبدي، وأنا أكبر) ظاهره سمع في هذا الموطن كلام الله تعالى ولكن من وراء حجاب أي وهو لا يراه حجب بصره عن رؤيته، فان صح القول بأن محمدا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فيحمل في هذا الموطن بعد هذا وقبله رفع الحجاب عن بصره حتى رآه، قلت: وفي هذا المعنى أحاديث بينت محالها في باب بدء الأذان فراجعه.