والترمذي، والنسائي عن حذيفة، وابن سعد عن الأزرق بن قيس، وعبد بن حميد، وابن جرير، وأبو نعيم عن ابن عباس في الدلائل عن قتادة، وابن أبي شيبة، وسعيد بن منصور، وعبد بن حمية، وابن جرير، وأبو نعيم عن الشعبي رضي الله تعالى عنهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزلت هذه الآيات دعا وفد نجران إلى المباهلة فقال: (ان الله تعالى أمرني ان لم تقبلوا هذا أن أباهلكم). فقالوا: يا أبا القاسم بل نرجع فننتظر في أمرنا. وفي حديث ابن عبا س عن أبي نعيم في الدلائل: فقالوا: أخرنا ثلاثة أيام، فخلا بعضهم إلى بعض وتصادقوا. فقال السيد العاقب:
والله يا معشر النصارى لقد عرفتم ان محمدا لنبي مرسل ولئن لاعنتموه ليخسفن بأحد الفريقين انه للاستئصال لكم، وما لاعن قوم قط نبيا فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم. وفي رواية: فقال شرحبيل: لئن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلاعناه لا يبقى على وجه الأرض منا شعر ولا ظفر الا هلك. وفي رواية: لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا، وفي رواية: لئن لاعنتموه ليخسفن بأحد الفريقين. قالوا: فما الرأي يا أبا مريم؟ فقال: رأيي أن أحكمه فاني أرى رجلا لا يحكم شططا أبدا.
فقال السيد: فان كنتم قد أبيتم الا ألف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل ثم انصرفوا إلى بلادكم. فلما انقضت المدة أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم مشتملا على الحسن والحسين في خميلة له وفاطمة تمشي عند ظهره للملاعنة، وله يومئذ عدة نسوة. فقال صلى الله عليه وسلم: (ان أنا دعوت فأمنوا أنتم). وروى مسلم، والترمذي، وابن المنذر، والحاكم في السنن عن سعد بن أبي وقاص عن علي بن أحمر قالا: لما نزلت آية المباهلة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا، فقال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي) (1). انتهى.
فتلقى شرحبيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اني قد رأيت خيرا من ملاعنتك. فقال: (وما هو؟) فقال: حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح فما حكمت فينا فهو جائز. وأبوا أن يلاعنوه.
وروى عبد الرزاق، والبخاري، والترمذي، والنسائي، وابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم قال: لو باهل أهل نجران رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا. وروي عن الشعبي مرسلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لقد أراني البشير بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر ولو تموا على الملاعنة). وروي عن قتادة مرسلا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن كان العذاب لقد نزل على أهل نجران، ان لو فعلوا لاستؤصلوا من الأرض).