ابن سعد عن نافع عن ابن عمر قال: (التمسنا جعفر بن أبي طالب فوجدناه في القتلى في جسده بضع وتسعون من طعنة ورمية). فظهر ذلك التخالف، قال الحافظ: ويجمع بأن العدد قد لا يكون له مفهوم أو بأن الزيادة باعتبار ما وجد فيه من رمي السهام فان ذلك لم يذكر في الرواية الأولى أو الخمسين مقيدة بكونها ليس فيها شئ في دبره أي ظهره، فقد يكون الباقي في بقية جسده، ولا يستلزم ذلك أنه ولى دبره، وانما هو محمول على أن الرمي جاءه من جهة قفاه أو جانبيه، ولكن يريد الأول ان في رواية العمري عن نافع: فوجدنا ذلك فيما أقبل من جسده بعد أن ذكر العدد بضعا وتسعين. ووقع في رواية البيهقي في الدلائل بضع وسبعون - بتقديم السين على الموحدة - وأشار أن بضعا وتسعين بتقديم الفوقية على السين أثبت.
السادس: قوله: (فأثابه الله تعالى جناحين في الجنة يطير بهما حيث شاء). أي عوضه الله تعالى جناحين عن قطع يديه في تلك الوقعة حيث أخذ اللواء بيمينه فقطعت، ثم أخذه بشماله فقطعت ثم احتضنه فقتل. وروى البيهقي أحد رواة الصحيح عن البخاري أنه قال: يقال لكل ذي ناحيتين جناحان، أشار بذلك إلى أن الجناحين ليس على ظاهرهما. وقال السهيلي:
((ومما ينبغي الوقوف عليه في معنى الجناحين انهما) ليسا كما يسبق إلى الوهم على مثل جناحي الطائر وريشه، لان الصورة الادمية أشرف الصور وأكملها... فالمراد بالجناحين صفة ملكية وقوة روحانية أعطيها جعفر (كما أعطيتها الملائكة) وقد عبر القرآن عن العضد بالجناح توسعا في قوله تعالى: (وضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى) (طه 22) وقال العلماء في أجنحة الملائكة انها ليست كما يتوهم من أجنحة الطير ولكنها صفات ملكية لا تفهم الا بالمعاينة. فقد ثبت ان لجبريل ستمائة جناح ولا يعد للطائر ثلاثة أجنحة فضلا عن أكثر من ذلك، وإذا لم يثبت خبر في بيان كيفيتها فيؤمن بها من غير بحث عن حقيقتها). انتهى.
قال الحافظ: (وهذا الذي جزم به في مقام المنع والذي نقله عن العلماء ليس صريحا في الدلالة على ما ادعاه ولا مانع من الحمل على الظاهر الا من جهة ما ذكره من المعهود وهو من قياس الغائب على الشاهد وهو ضعيف وكون الصورة البشرية أشرف الصور لا يمنع من حمل الخبر على ظاهره لان الصورة باقية)، وقد روى البيهقي في الدلائل من مرسل عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ان جناحي جعفر من ياقوت وجاء في جناحي جبريل انهما من لؤلؤ، أخرجه ابن منده في ترجمة ورقة بن نوفل من كتاب المعرفة.
السابع: أكثر الآثار تدل على أن المسلمين هزموا المشركين، وفي بعضها ان خالدا انحاز بالمسلمين، وقد تقدم بيان ذلك. قال الحافظ: ويمكن الجمع بأن يكون المسلمون