وقد خطب عليه السلام في هذا اليوم خطبة عظيمة. ولست أدرى أكانت قبل ذهابه إلى البيت أو بعد رجوعه منه إلى منى. فالله أعلم.
* * * والقصد أنه ركب إلى البيت فطاف به سبعة أطواف راكبا، ولم يطف بين الصفا والمروة، كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر وعائشة رضي الله عنهما. ثم شرب من ماء زمزم ومن نبيذ تمر من ماء زمزم.
فهذا كله مما يقوى قول من قال: إنه عليه السلام صلى الظهر بمكة، كما رواه جابر.
ويحتمل أنه رجع إلى منى في آخر وقت الظهر فصلى بأصحابه بمنى الظهر أيضا.
وهذا هو الذي أشكل على ابن حزم فلم يدر ما يقول فيه، وهو معذور لتعارض الروايات الصحيحة فيه. والله أعلم.
وقال أبو داود: حدثنا على بن بحر وعبد الله بن سعيد المعنى، قالا: حدثنا أبو خالد الأحمر، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة، قالت: أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى فمكث بها ليالي أيام التشريق يرمى الجمرة إذا زالت الشمس، كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة.
قال ابن حزم: فهذا جابر وعائشة قد اتفقا على أنه عليه السلام صلى الظهر يوم النحر بمكة. وهما والله أعلم أضبط لذلك من ابن عمر.
كذا قال: وليس بشئ، فإن رواية عائشة هذه ليست ناصة أنه عليه السلام صلى الظهر بمكة، بل محتملة إن كان المحفوظ في الرواية: " حتى صلى الظهر ". وإن كانت الرواية " حين صلى الظهر " وهو الأشبه فإن ذلك دليل على أنه عليه السلام صلى الظهر بمنى قبل أن يذهب إلى البيت، وهو محتمل. والله سبحانه وتعالى أعلم.