وعلى هذا فيبقى مخالفا لحديث جابر، فإن هذا يقتضى أنه صلى الظهر بمنى قبل أن يركب إلى البيت، وحديث جابر يقتضى أنه ركب إلى البيت قبل أن يصلى الظهر وصلاها بمكة.
وقد قال البخاري: وقال أبو الزبير، عن عائشة، وابن عباس، أخر النبي صلى الله عليه وسلم - يعنى طواف الزيارة إلى الليل -.
وهذا الذي علقه البخاري قد رواه الناس من حديث يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي وفرج بن ميمون، عن سفيان الثوري، عن أبي الزبير عن عائشة وابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أخر الطواف يوم النحر إلى الليل. ورواه أهل السنن الأربعة من حديث سفيان به. وقال الترمذي. حسن.
وقال الإمام أحمد. حدثنا محمد بن عبد الله، حدثنا سفيان، عن أبي الزبير، عن عائشة وابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار ليلا.
فإن حمل هذا على أنه أخر ذلك إلى ما بعد الزوال كأنه يقول إلى العشى، صح ذلك وأما إن حمل على ما بعد الغروب فهو بعيد جدا ومخالف لما ثبت في الأحاديث الصحيحة المشهورة من أنه عليه السلام طاف يوم النحر نهارا، وشرب من سقاية زمزم.
وأما الطواف الذي ذهب في الليل إلى البيت بسببه فهو طواف الوداع. ومن الرواة من يعبر عنه بطواف الزيارة، كما سنذكره إن شاء الله. أو طواف زيارة محضة قبل طواف الوداع وبعد طواف الصدر الذي هو طواف الفرض.
وقد ورد حديث سنذكره في موضعه: أن رسول الله كان يزور البيت كل ليلة من ليالي منى، وهذا بعيد أيضا والله أعلم.
وقد روى الحافظ البيهقي من حديث عمرو بن قيس، عن عبد الرحمن، عن القاسم