فلما كان وقت العصر تزوجها فحلت له فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه فلما كان وقت عشاء الآخرة فر عن الظهار فحلت له فلما كان نصف الليل طلقها واحدة فحرمت عليه فلما كان عند الفجر راجعها فحلت له.
قال فاقبل المأمون على من حضره من أهل بيته فقال لهم هل فيكم أحد يجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب ويعرف القول فيما تقدم من السؤال قالوا لا والله ان أمير المؤمنين اعلم بما رأى فقال لهم ويحكم ان أهل هذا البيت خصوا من بين الخلق بما ترون من الفضل وان صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال اما علمتهم ان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام وهو ابن عشر سنين وقبل منه الاسلام وحكم له به ولم يدع أحدا في سنة غيره وبايع الحسن والحسين وهما أبناء دون الست سنين ولم يبايع صبيا غيرهما أفلا تعلمون الان ما اختص الله به هؤلاء القوم وانهم ذرية بعضها من بعض يجري لآخرهم ما يجري لأولهم قالوا صدقت والله يا أمير المؤمنين ثم نهض القوم.
فلما كان من الغد أحضر الناس وحضر أبو جعفر عليه السلام وصار القواد والحجاب والخاصة والعمال لتهنية المأمون وأبي جعفر فأخرجت ثلاثة اطباق من الفضة وفيها بنادق مسك وزعفران معجون في أجواف تلك البنادق ورقاع مكتوبة بأموال جزيلة وعطايا سنيه واقطاعات فامر المأمون بنثرها على القوم من خاصته فكان كل من وقع في يده بندقة اخرج الرقعة التي فيها والتمسه فأطلق له ووضعت البدر فنثر ما فيها على القواد وغيرهم وانصرف الناس وهم أغنياء بالجوايز والعطايا وتقدم المأمون بالصدقة على كافة المسلمين ولم يزل مكرما لأبي جعفر عليه السلام معظما لقدره مدة حياته يؤثره على ولده وجماعة أهل بيته.