شديدا، فقال لعمرو: أنت قتلت حريثا وغررته.
وخرج العباس بن ربيعة بن الحارث الهاشمي فأبلى، وخرج فارس من أصحاب معاوية فتنازلا وتضاربا، ونظر العباس إلى وهن في درع الشامي فضربه العباس على ذلك الوهن فقده باثنين فكبر جيش علي عليه السلام وركب العباس فرسه، فقال معاوية: من يخرج إلى هذا فيقتله فله كذا وكذا فوثب رجلان من لخم من اليمن فقالا: نحن نخرج إليه فقال: أخرجا فأيكما سبق إلى قتله فله من المال ما ذكرت، وللآخر مثل ذلك، فخرجا إلى مقر المبارزة وصاحا بالعباس ودعواه إلى المبارزة فقال: أستأذن صاحبي وأعود إليكما وجاء إلى علي عليه السلام ليستأذنه فقال له: اعطني ثيابك وسلاحك وفرسك فلبسها علي عليه السلام وركب الفرس وخرج إليهما على أنه العباس فقالا: استأذنت صاحبك فتحرج من الكذب فقرأ (اذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير) فتقدم إليه أحد الرجلين فالتقيا ضربتين ضربه علي على مراق بطنه فقطعه باثنين، فظن أنه أخطاه فلما تحرك الفرس سقط قطعتين وصار فرسه إلى عسكر علي، وتقدم الاخر فضربه علي عليه السلام فألحقه بصاحبه، ثم جال عليهم جولة ورجع إلى موضعه وعلم معاوية انه علي، فقال: قبح الله اللجاج انه لقعود ما ركبته إلا خذلت، فقال له عمرو بن العاص: المخذول والله اللخميان لا أنت، فقال له معاوية: اسكت أيها الانسان ليس هذه الساعة من ساعاتك، فقال عمرو: فان لم تكن من ساعاتي فرحم الله اللخميين ولا أظنه يفعل.
ومن وقائع صفين ليلة الهرير التي خاضت الفرسان فيها في دماء أقرانها وأضرمت الحرب فيها شواظ نيرانها، وتعاطى الشجعان فيها كاسات الحمام، فمالت بصاحبها وسكرانها، وجل الامر عن المضاربة بسيفها والمطاعنة بسنانها