أبى طالب عليه السلام، والله لقد جئته في رجل كان قد ولاه صدقاتنا فجار علينا فصادفته قائما يصلى، فلما رآني انفتل من صلاته ثم أقبل على برحمة ورفق ورأفة وتعطف وقال: ألك حاجة؟ قلت: نعم. فأخبرته الخبر فبكى ثم قال:
اللهم أنت الشاهد علي وعليهم، وإني لم آمرهم بظلم خلقك، ولا بترك حقك ثم أخرج قطعة جلد فكتب فيها: بسم الله الرحمن الرحيم (قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ذلكم خير لكم ان كنتم مؤمنين) فإذا قرأت كتابي هذا فاحتفظ بما في يدك من عملنا حتى يقدم عليك من يقبضه منك والسلام. ثم دفع الرقعة إلي فوالله ما ختمها بطين ولا خذمها فجئت بالرقعة إلى صاحبه فانصرف عنا معزولا فقال معاوية: اكتبوا لها كما تريد واصرفوها إلى بلدها غير شاكية.
وكم له عليه السلام من الآثار والاخبار والمناقب التي لا تستر أو يستر وجه النهار والسيرة التي هي عنوان السير والمفاخر التي يتعلم منها من فخر، والمآثر التي تعجز من بقى كما أعجزت من غبر.
وخرج عليه السلام يوما وعليه إزار مرقوع فعوتب عليه فقال: يخشع القلب بلبسه ويقتدى بي المؤمن إذا رآه علي.
واشترى عليه السلام يوما ثوبين غليظين فخير قنبرا فيهما، فأخذ واحدا فلبس هو الاخر، ورأى في كمه طولا عن أصابعه فقطعه.
وخرج يوما إلى السوق ومعه سيفه ليبيعه فقال: من يشترى منى هذا السيف فوالذي فلق الحبة لطال ما كشفت به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وآله ولو كان عندي ثمن إزار لما بعته.
وكان عليه السلام قد ولى على عكبرا رجلا من ثقيف قال: قال لي علي عليه السلام: