أما بعد: فقد علمتما انى لم أرد الناس حتى أرادوني، ولم أبايعهم حتى أكرهوني وأنتما ممن أرادوا بيعتي وبايعوا ولم تبايعا لسلطان غالب، ولا لغرض حاضر فان كنتما بايعتماني طائعين فتوبا إلى الله عز وجل عما أنتما عليه، وإن كنتما بايعتا مكرهين فقد جعلتما السبيل عليكما بإظهاركما الطاعة واسراركما المعصية، وأنت يا زبير فارس قريش وأنت يا طلحة شيخ المهاجرين، ودفعكما هذا الامر قبل أن تدخلا فيه كان أوسع لكما من خروجكما منه بعد إقراركما به، وأما قولكما انى قتلت عثمان بن عفان، فبيني وبينكما من تخلف عنى وعنكما من أهل المدينة، ثم يلزم كل امرئ بقدر ما احتمل، وهؤلاء بنو عثمان - إن قتل مظلوما كما تقولان - أولياؤه وأنتما رجلان من المهاجرين وقد بايعتماني ونقضتما بيعتي، وأخرجتما أمكما من بيتها الذي أمرها الله أن تقر فيه، والله حسبكما والسلام.
وكتب علي عليه السلام إلى عايشة: أما بعد فإنك خرجت من بيتك عاصية لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وآله، تطلبين أمرا كان عنك موضوعا، ثم تزعمين انك تريدين الاصلاح بين الناس فخبريني ما للنساء وقود العساكر؟ وزعمت انك طالبة بدم عثمان، وعثمان رجل من بنى أمية وأنت امرأة من بنى تيم بن مرة ولعمري إن الذي عرضك للبلاء وحملك على المعصية لأعظم إليك ذنبا من قتله عثمان، وما غضبت حتى أغضبت ولا هجت حتى هيجت، فاتقى الله يا عايشة وارجعي إلى منزلك واسبلي عليك سترك والسلام.
فجاء الجواب إليه عليه السلام: يا ابن أبي طالب جل الامر عن العتاب ولن ندخل في طاعتك أبدا فاقض ما أنت قاض والسلام، ثم تراءى الجمعان وتقاربا ورأى علي عليه السلام تصميم القوم على قتاله، فجمع أصحابه وخطبهم خطبة بليغة قال عليه السلام فيها: واعلموا أيها الناس انى قد تأنيت هؤلاء القوم وراقبتهم