(فصل): وتلا وفد نجران انفاذ النبي (ص) عليا عليه السلام إلى اليمن ليخمس زكواتها ويقبض ما تقرر على أهل نجران، فتوجه وقام بما توجه له مسارعا إلى طاعة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم أراد رسول الله صلى الله عليه وآله الحج فأذن في الناس به وبلغت دعوته إليه أقاصي بلاد الاسلام، فتجهز الناس للخروج، وكاتب أمير المؤمنين بالتوجه إلى الحج من اليمن، ولم يذكر له نوع الحج الذي عزم عليه، وخرج صلى الله عليه وآله قارنا للحج بسياق الهدى، وأحرم من ذي الحليفة وأحرم الناس معه، ولبى من عند الميل الذي بالبيداء، فاتصل ما بين الحرمين بالتلبية، فلما قارب النبي صلى الله عليه وآله مكة من جهة المدينة قاربها علي عليه السلام من جهة اليمن بعسكره، وتقدمهم للقاء رسول الله صلى الله عليه وآله فأدركه وقد أشرف على مكة، فسلم عليه وخبره بما صنع، وقبض ما قبض، فسر به وابتهج بلقائه، فقال:
بما أهللت يا علي؟ فقال: يا رسول الله انك لم تكتب إلى باهلالك، ولا عرفته فعقدت نيتي بنيتك، وقلت: اللهم إهلالا كاهلال نبيك وسقت أربعا وثلاثين بدنة، فقال: الله أكبر قد سقت انا ستا وستين وأنت شريكي في حجى ومناسكي وهديي، فأقم على إحرامك وعد إلى جيشك وعجل بهم إلى حتى نجتمع بمكة، فعاد فلقى أصحابه عن قرب وقد لبسوا الحلل التي معهم، فأنكر على الذي استخلفه فاستعادها ووضعها في الأعدال فاطعنوا ذلك عليه وكثرت شكايتهم منه حين دخلوا مكة فامر رسول الله مناديه فنادى: ارفعوا ألسنتكم عن علي بن أبي طالب فإنه خشن في ذات الله غير مداهن في دينه، فكفوا عن ذكره وعرفوا مكانه منه وسخطه على من رام الغميزة فيه.
وخرج مع النبي (ص) جماعة بغير سياق هدي، فأنزل الله (وأتموا الحج والعمرة لله) فقال رسول الله (ص): دخلت العمرة في الحج - وشبك إحدى أصابع يديه بالأخرى - إلى يوم القيامة، ثم قال: لو استقبلت من