يجادلونك في الحق بعد ما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون) في الآي المتصل بذلك إلى قوله عز اسمه: (ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله والله بما يعملون محيط.) وكان من جملة خبر هذه الغزاة ان المشركين حضروا بدرا مصرين على القتال، مستظهرين بكثرة الأموال والعدد والرجال، والمسلمون إذ ذاك نفر قليل عددهم، ومنهم من حضر كارها فتحدتهم قريش بالبراز، ودعتهم إلى المصافة والنزال، واقترحت الأكفاء وتطاولت الابصار لمبارزتهم، فمنعهم النبي صلى الله عليه وآله وقال لهم: إن القوم دعوا الأكفاء منهم، ثم أمر عليا بالبروز إليهم ودعا حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث رحمهما الله تعالى وأمرهما أن يبرزا معه، فلما اصطفوا لم يثبتهم القوم لانهم كانوا قد تغفروا فسألوهم: من أنتم؟ فانتسبوا لهم، فقالوا: أكفاء كرام ونشبت الحرب بينهم وبارز الوليد أمير المؤمنين عليه السلام فلم يلبث أن قتله، وبارز عتبة حمزة رضي الله عنه فقتله حمزة، وبارز شيبة عبيدة فاختلف بينهما ضربتان، قطعت إحداهما فخذ عبيدة فاستنقذه أمير المؤمنين عليه السلام بضربة بدر بها شيبة فقتله، وشركه في ذلك حمزة.
فكان قتل هؤلاء الثلاثة أول وهن لحق المشركين وذل دخل عليهم، ثم بارز أمير المؤمنين عليه السلام العاص بن سعيد بن العاص بعد أن أحجم عنه الناس فقتله، وبرز إليه حنظلة بن أبي سفيان فقتله، وطعمة بن عدي فقتله، وقتل بعده نوفل بن خويلد وكان من شياطين قريش، ولم يزل عليه السلام يقتل واحدا بعد واحد حتى أتى على شطر المقتولين منهم وكانوا سبعين قتيلا، تولى المسلمون كافة والملائكة قتل الشطر الأول وتولى أمير المؤمنين الشطر الثاني