فدونك فالحق بالحجاز ولا تقم * ببلدتنا إن المقام على خطر وإن كان حيا لم يصب فحياته * على أي حال كان في حربه ظفر (1) وكن آمنا واعلم بأنك آخذ * به النصف ممن كان في جده الصغر ألم تر أن الناس أجمع رأيهم * عليه ولما لم يجد مثله بشر فقالوا جميعا فيه قولة واحد * ولم ينههم عنه التفكر والنظر قال: واجتمع الناس في مسجد البصرة، فجعلوا يبكون وينوحون، وجعل الأحنف بن قيس يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون على هلك المهلب وأصحابه وجماعة المسلمين. قال: فوثب غلام من بني تميم من بني سعد فقال: والله! ما قتل المهلب ولا قتل أحد من بني عمه في هذه الوقعة، غير أن الذين صاروا إليهم منهزمين إنما هم أعداء المهلب، وإنما حسده على ما كان منه في الإسلام والرفع عن بيضة هذا البلد، وو الله الخبر الصحيح أنا لقينا الأزارقة بموضع يقال له سلي وسلبري (2)، فأطبقنا الحرب عليهم يوما وليلة يموج بعضنا في بعض، ثم أصبحنا على ذلك من شأننا، وضرب المهلب على رأسه ضربة سقط إلى الأرض، فخبأه بنوه وحموا عنه، فقاتلناهم فرزقنا عليهم الظفر وقتلنا منهم مقتلة عظيمة، وقتل صاحبهم عبيد الله بن ماحوز (3) وأخوه عثمان في معركة واحدة، وبايع القوم من بعدهم ابن أخيه قطري بن الفجاءة المازني (4)، وقد والله هزمناهم بحمد الله وعونه حتى بلغناهم إلى حدود أصبهان من بلاد إيذج (5)، فعلى هذا تركت الناس في آخر أمورهم، فكل
(١٨٨)