هنالك صرعى بالفلاة فأصبحت * صوائح هم تعلون بين المآثم قال: وأصبح القوم على حربهم ليس منهم من بلغ عن صاحبه. قال: وتعالى النهار والأمر ملتحم بين الفريقين حتى أن بعضهم كاد أن يأكل بعضا من شدة الحرب. قال: وضرب المهلب على رأسه ضربة (1) منكرة فسقط عن فرسه إلى الأرض وأحدقت به بنوه، فجعلوا يحامون عن أشد المحاماة. قال: وصاح رجل من أهل البصرة: قتل المهلب ورب الكعبة! فانهزم الناس عن المهلب هزيمة قبيحة يظنون أن قد قتل: قال: وأفاق المهلب بن أبي صفرة من غشوته فاستوى على فرسه وجعل يقاتل، وكبر أصحابه، فانهزمت الأزارقة لذلك انكسارا شديدا، ثم صاح المهلب ببنيه، وحمل الناس معه من الأزارقة مائتي رجل، وانهزموا حتى صاروا إلى بلد يقال لها إيذج (2) فنزلوا هنالك.
قال: وأقبل الفتى من شعراء أهل البصرة يقال له سعد بن سعيد الأزدي حتى دخل على الحارث (3) فقال: لا تطلب (4) المقام عندنا إلا أن تسمع الخبر أن المهلب قد قتل، فإن كان قد قتل فما بقي في البصرة مقام إن كان قد قتل هو وأولاده وبنو عمه! قال ثم أنشأ ذلك الفتى في ذلك يقول:
[أيا حار يا بن السادة الصيد هب لنا * رحيلك (5) لا ترحل ولم يأتك الخبر فإن (6) كان أودى بالمهلب يومه (6) * فقد كسفت يا حار شمسك والقمر فما لك من بعد المهلب رجعة (7) ولا لك بالمصرين سمع ولا بصر