الناس وفرسان المسلمين (1) عليهم الديباج مما قد أصابوا من غنائم الروم (2)، فلما نظر إليهم عمر رضي الله عنه على تلك الحالة أمر بهم فنزلوا عن دوابهم، ثم أمر بالتراب فحثي عليهم، وأمر بما عليهم من الديباج فمزق، ثم قال: أتلبسون الديباج وهو عليكم حرام؟ فقالوا: يا أمير المؤمنين! إنا في جهاد وهذا من آلة الحرب، قال: فلابد لكم من الصلاة والصلاة فيه حرام، إلا أن تلبسوه في وقت الحرب فإذا أردتم الصلاة فانزعوه، فان نبيكم محمدا (صلى الله عليه وسلم وآله) قد نهى عن ذلك، قال: إن الذهب والحرير حرام على ذكور أمتي، حلال لإناثهم.
قال: وأقبل إليه يزيد بن أبي سفيان فقال (3): يا أمير المؤمنين! إنا في بلد الخصب والدعة، والسعر عندنا بحمد الله رخيص، والخير عندنا كثير من الأموال والدواب والعيش الرفيع، وحال المسلمين كما تحب، فالبس ثيابا بياضا واكسها الناس واركب الخيل (4) واحمل الناس عليها، فإنه أعظم لك في عيون الكفار، وألق عنك هذا الصوف، فإنه إذا رآك العدو على هذه الحال ازدراك، فقال عمر: يا يزيد (5)! ما أريد أن أتزيا للناس بما يشيننى عند الله عز وجل، ولا أريد أن يعظم أمرى عند الناس ويصغر عند الله عز وجل، فلا ترادني بعدها في شئ من هذا الكلام.
قال: ثم أقبل حتى نزل على باب مدينة بيت المقدس وأرسل إليهم يأمرهم أن ينزلوا على حكمه وأن يوجهوا إليه من يثقون به حتى يكتب لهم الأمان، قال: فأقبل إليه رجل من المستعربة يكنى أبا الجعيد (6) فصالحه عن القوم على أداء الجزية والاقرار في البلد، فأجابه عمر رضي الله عنه إلى ذلك وكتب لهم كتابا (7) يتوارثونه