ماهان: فإني أريد أن ألقى الحشمة بيني وبينك فأكلمك بكلام الأخ لأخيه، قال خالد: قل ما تشاء، قال: إن قبتك قد أعجبتني جدا فأنا أحب أن تهبها لي وتسألني ما أحببت فإنها أشرف شئ رأيته عندكم، قال خالد: فإني قد وهبتها لك ولست أريد منك شيئا.
فأرسل ماهان غلمانه إلى القبة فأخذوها، ثم أقبل على خالد فقال: إن شئت تكلمنا بما تريد وإن شئت نكلمك بما نريد، فقال خالد: أما أنا فإني لا أسألك إلا وقد علمت ما أريد، لأنه ليس يخفى عليك ولا على صاحبك هرقل ما لقيت أجنادكم منا بأجنادين ومرج الصفر ودمشق وفلسطين وفحل وحمص وبعلبك وغير ذلك، وأما أنت فلست أريد ما تريد، فتكلم بما أحببت إن شئت ذلك، فقال ماهان (1):
الحمد لله الذي جعل نبينا أفضل الأنبياء وملكنا أفضل الملوك وأمتنا خير الأمم، قال: فقطع عليه خالد كلامه وقال (1): الحمد لله الذي نؤمن بنبينا ونبيكم ونقر بكتابنا وكتابكم وجعل الأمير الذي علينا كبعضنا، فلو زعم أنه ملك علينا لعزلناه ولسنا نرى له فضلا علينا إلا أن يكون أتقى منا وأبر، والحمد لله الذي جعلنا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر، ونقر بالذنب ونستغفر الله عز وجل منه، ونعبد (2) الله عز وجل ولا نشرك به شيئا.
قال: فتغير وجه ماهان ثم قال: الحمد لله الذي أبلانا أحسن البلاء وأغنانا من الفقر، ونصرنا على الأمم، وأعزنا فلا نذل، ومنعنا من الضيم فلا تباح لنا حرم، ولسنا في ذلك بطرين ولا مرحين ولا على الناس باغين، وقد كان لنا منكم يا معشر العرب جيران صدق، وكنا نحسن جوارهم، ونعظم أقدارهم (3)، ونتفضل عليه (4)، ونفي لهم بالعهد (5)، فينزلون في بلادنا حيث شاؤوا آمنين ويرحلون آمنين، وكنا نظن أن جميع العرب ممن لا يجاورونا يشكرون لنا ذلك لما كنا نأتي من الاحسان إلى إخوانهم، وأنتم من العرب فلم تشكروا فعلنا باخوانكم واصطناعنا لهم، لكنكم فاجأتمونا بالخيل والجنود، فقاتلتمونا عن حصوننا وديارنا، وتريدون أن