وأموالكم إلا بحقها وأنتم إخواننا في ديننا وشركاؤنا في حظنا، وإن أنتم أبيتم ذلك فأدوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، فإن أبيتم ذلك فقاتلناكم على بصيرة ويقين أنه من قتل منا كان حيا عند الله شهيدا مرزوقا ومن قتل منكم كان كافرا وصار إلى النار مخلدا فيها أبدا، فاختر الان يا ماهان ما أحببت (1) واعلم أنه قد جاءك قوم هم أحرص على الموت منكم على الحياة فأخرجوا بنا على بركة الله حتى نحاكمكم إلى الله فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين.
قال: فقال ماهان: يا خالد! أما ما ذكرت أنا ندخل في دينكم فهذا ما لا يكون أبدا، فلا تطمع نفسك في ذلك، فما أبعدكم أن تروا ولد الأصفر وقد تركوا دينهم ودين آبائهم ودخلوا في غيره، وأما ما ذكرت أنا نؤدي الجزية فإنه سيموت من ترى من هذا الخلق قبل أن يؤدوا الجزية، وكيف يؤدونها وهم يأخذونها من الناس على الصغر والقمأة، وأما قولك: اخرجوا حتى نتحاكم إلى الله، فلعمري ما جاءك هذا الخلق إلا ليحاكموك إلى الله، وأما قولك إن الأرض لله يورثها من يشاء، فقد صدقت يا خالد! إنما كانت هذه الأرض لامة كانت من قبلنا قاتلناهم عليها حتى أخذناها منهم واحتوينا عليها، وكذلك تصير هذه الأرض إلى غيرنا، فابرزوا على بركة الله فإنا خارجون إليكم إذا عزمتم (2).
قال: فوثب خالد بن الوليد من بين يدي ماهان فاستوى على فرسه وانطلق إلى أبي عبيدة بن الجراح ومعه ميسرة بن مسروق، فقص على أبي عبيدة ما كان من كلامه وكلام ماهان، ثم قال للمسلمين: استعدوا للقتال، قتال أعداء الله فقد قرب الامر وليكن معولكم على الله وحده لا شريك له فيه، فاعتصموا وعليه فتوكلوا.
قال: وكتب ماهان من ساعته إلى ملك الروم يخبره بخبر خالد وحال المسلمين وما جرى بينه وبين خالد بن الوليد من الكلام، وفي كتابه: أيها الملك! إني (3) أرغبتهم فليس يرغبون وأطمعتهم فليس يطمعون وخوفتهم فليس يخافون، وليس