ويتضرعون، فأعجبه ذلك منهم. فقال عمرو بن العاص: أيها المسلمون! إن الرسول قد وقع في قلبه حب الايمان، وقال أبو عبيدة: والله! إني لأرجو أن يكون الله عز وجل قد قذفه في قلبه وحببه إليه وعرفه فضله.
قال: ثم أقبل الرومي على أبي عبيدة فقال: يا شيخ! خبرني متى دخلتم في هذا الدين ومتى دعيتم إليه؟ قال: منذ بضع وعشرين سنة. قال الرومي: إن كلكم دخلتم في هذا الدين في وقت واحد؟ قال أبو عبيدة: لا، ولكن منا من دخل فيه حين دعاه الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ومنا من دخل فيه بعد ذلك، قال:
فخبرني هل كان نبيكم خبركم أن يكون بعده نبي رسول؟ قال أبو عبيدة: لا، ولكن خبرنا أنه لا نبي بعده، وخبرنا أيضا أن عيسى بن مريم قد بشر به قومه، فقال الرومي: وأنا أشهد على عيسى ابن مريم أنه قد بشر في الإنجيل براكب الجمل الأحمر ولا أظنه إلا صاحبكم ولكني أحب أن أعلم ما تقولون في عيسى بن مريم!
فقال أبو عبيدة: نقول فيه كما قال الله عز وجل لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم وآله ﴿إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون﴾ (1)، وقد خبرنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فيما أنزل عليه من ربه أنه قال جل وعز:
(يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق) (2) إلى قوله تبارك وتعالى (لن يستنكف المسيح أن يكون عبد الله [ولا] الملائكة المقربون (2)) قال الرومي: أنا أشهد لنبيكم أنه صادق (3) وأنكم صادقون ولكن إن أنا أسلمت وجاهدت معكم تضمنون لي الجنة؟ فقال له أبو عبيدة: أو تعرف الجنة يا رومي؟
قال: وكيف لا أعرفها وقد وصفها لنا عيسى ابن مريم في الإنجيل! قال أبو عبيدة:
فنحن نضمن لك على الله تبارك وتعالى أنك إن أسلمت وصليت وصمت وجاهدت ولم تغير ولم تبدل فإنك من أهل الجنة إن شاء الله تعالى، قال الرومي: اشهدوا علي بأجمعكم أني من المسلمين، فقال أبو عبيدة: إنك إن أقمت عندنا الليلة ومضى رسولنا إليهم غدا احتبسوه عندهم لأجلك ولكن انطلق إليهم واكتمهم إسلامك